تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الكوثري بعد ذلك: (فظهر بطلان التمسك بكلمة " فوق " في الآيات والأحاديث في إثبات الجهة له تعالى , تعالى الله عن مزاعم المجسمة) (19)

وقال في موضع آخر (أهل السنة خصوم كل مجسم وزائغ , وهو يقولون: إنه لا يقال: إن الله في داخل العالم , كما لا يقال: إنه خارج العالم , ولا أنه مستقر على العرش , لأن ذلك لم يرد في الكتاب ولا في السنة , ولأن ذلك شأن الأجسام , ومن جوز في معبوده الدخول والخروج والاستقرار فهو عابد وثن) (20)

ويقول عن السلف الذين أثبتوا على الله على خلقه واستواءه على عرشه (لاحظ لهم في الإسلام , غير أن جعلوا صنمهم الأرضي صنماً سماوياً) (21)

وهذا مناقض كل المناقضة لمذهب أهل السنة والجماعة , فقد تظافرت دلالة الفطرة والشرع على إثبات على الله على خلقه , وفي تقرير دليل الفطرة يقول الإمام محمد بن عثمان بن أبي شيبة (أجمع الخل جميعاً أنهم إذا دعوا الله رفعوا أيديهم إلى السماء , فلو كان الله عز وجل في الأرض السفلى ما كانوا ليرفعوا أيديهم إلى السماء , وهو معهم في الأرض , ثم تواترت الأخبار أن الله تعالى خلق العرش , فاستوى عليه بذاته , ثم خلق الأرض والسماوات , فصار من الأرض إلى السماء إلى العرش , فهو فوق السماوات , وفوق العرش بذاته , متخلصاً من خلقه بائن منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه) (22)

وقال ابن أبي شيبة (وذكروا أن الجهمية يقولون: ليس بين الله عز وجل وبين خلقه حجاب , وأنكروا العرش , وأن يكون هو فوقه وفوق السماوات , وقالوا: إن الله في كل مكان) (23)

وقال الأوزاعي كنا والتابعون متوافرين , نقول: إن الله تعالى على عرشه , ونؤمن بما ورد في السنة الصحيحة في صفاته) (24)

قال ابن تيمية (وإنما قال الأوزاعي هذا بعد ظهور مذهب جهم المنكر لكون الله عز وجل فوق عرشه , والنافي لصفاته , ليعرف الناس أن مذهب السلف كان خلاف ذلك) (25).

وقال عبدالله بن المبارك (نعرف ربنا بأنه فوق سبع سماواته , على العرش استوى , بائن من خلقه , ولا نقول كما قالت الجهمية) (26).

وأقوال السلف في ذلك كثيرة ولو أردت إحصاء أقوالهم لطال بنا المقام , ولكن أحيل القارئ الكريم إلى كتاب (اجتماع الجيوش الإسلامية) للعلامة ابن القيم , وكتاب (العلو) للحافظ الذهبي , فقد نقل عن أكثر من مائة إمام من أئمة المسلمين كلهم يصرحون بعلو الله على خلقه واستوائه على عرشه , وكذا الأدلة على علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه , كثيرة جداً , وقد تتبعها بعض أئمة السنة فوجدها أكثر من ألف دليل (27).

فالحاصل أن مذهب الكوثري مخالف للأدلة الشرعية , وللفطرة السليمة , ولإجماع بني آدم (28) , ويلزم أن يكون الله معدوماً ممتنعاً.

ب - صفة الاستواء: تابع الكوثري الجهمية , فعطل صفة الاستواء وحرف نصوصها , ويدعي أن الاستواء في كلام العرب يأتي في خمسة عشر معنى , فقد قال (وللاستواء في كلام العرب خمسة عشر معنى ما بين حقيقة ومجاز , منها ما يجوز على الله , فيكون معنى الآية , ومنها ما لا يجوز على الله بحال , وهو ما إذا كان الاستواء بمعنى التمكن , أو الاستقرار , أو الاتصال , أو المحاذاة) (29).

وعلق في حاشية على كتاب (الأسماء والصفات) (30) أقوال المعطلة في قول الله تبارك وتعالى (الرحمن على العرش استوى) من تلك التأويلات التي نقلها: الملك , واستئثار الملك , واستواء الحكم , والاستواء المجرد عن معنى المغالبة , والإقبال والقصد , و الإتقان وعلو العظمة والعزة , وعلى القهر والغلبة.

وقال (من فسر الاستواء بالعلو الحسي والاستقرار والقعود , والجلوس , ونحو ذلك فقد جسم معبوده في المعنى وإن لم ينطق بلفظ الجسم) (31).

ثم قال بعد ذلك (وهذا كله في غاية الظهور , وإن لم يخفى على أدعياء السلف من مشبهة العصر) (32).

وحرف مقالة الإمام مالك المشهورة في الاستواء تحريفاً لفظياً فقد حرفها إلى هذا اللفظ (الكيف مجهول والاستواء غير معقول) (33).

كما حرفها تحريفاتً معنوياً حيث قال (قال مالك وغيره: إن الاستواء معلوم , يعني: مورده في اللغة معلوم) (34).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير