تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله أيضاً جواباً لسائل آخر " أما تقبيل الأرض ورفع الرأس ونحو ذلك مما فيه السجود مما يفعل قدام بعض الشيوخ وبعض الملوك فلا يجوز بل لا يجوز الإنحناء كالركوع أيضا ... وأما فعل ذلك تدينا وتقربا فهذا من أعظم المنكرات ومن اعتقد مثل هذا قربة وتدينا فهو ضال مفتر بل يبين له وأن هذا ليس بدين ولا قربة فإن أصر على ذلك استتيب فإن تاب وإلا قتل ... وأما فعل ذلك لأجل فضول الرياسة والمال فلا [أي فلا يجوز] وإذا أكره على مثل ذلك ونوى بقلبه أن هذا الخضوع لله تعالى كان حسنا مثل أن يكره كلمة الكفر وينوى معنى جائزا والله أعلم. "

و لا سبيل للجمع بين أقواله رحمه الله إلا بالتفصيل و أن ما عده كفراً من السجود إنما هو سجود العبادة و لا خلاف على كون صرف شيء منها لغير الله كفر أكبر مخرج من الملة، أما السجود على غير معنى العبادة فبين أنه محرم لكن لم يطلق حكم الكفر عليه، و في كلامه الأخير أكبر دليل على كونه يفصل هذا التفصيل، فالسجود أو الركوع ـ لا على سبيل العبادة ـ للمشايخ أو الملوك ـ والغالب عليه أنه للتعظيم ـ لا يجوز، أما إن قصد به التقرب و التعبد لله فهو من أعظم المنكرات لأنه إحداث في الدين ما ليس منه فضلاً عن كونه محرماً، فمن بين له ذلك و أصر على اعتقاده استتيب لاستحلاله ما حرم الله ـ وهذا كفر ـ لا لمجرد السجود، و أيضاً من فعل هذا الفعل المحرم من السجود أو الركوع لا على سبيل التعظيم بل لعرض من الدنيا فلا يكفر بمجرد فعله و إن كان أتى محرماً، أما المكره فلا شيء عليه.

و أحسب أن التفصيل المذكور هو مذهبه في المسألة رحمه الله.

أخي الكريم كلام شيخ الإسلام هذا ليس فيه تعارض حتى نحتاج للجمع إلاّ إذا قررت أصلاً مسبقاً، أما إذا أخذته على ظاهره فليس فيه تعارض أصلاً، فهو لم يتطرق لسجود التعظيم ولم يعد هذا الضرب غير سجود العبادة.

وليست القضية هي أن هناك سجود لا يرقى إلى الكفر، هذا يقول به شيخ الإسلام ويقول به علماء الإسلام قديماً وحديثاً، وصاحبك لايناقش في هذا بل يظهر له أن سجود التحية والإكرام ليس بكفر بل هو بدعة منكرة إذا صرف لبشر حي معظم. ولكن الكلام عن سجود التعظيم والإجلال والذي يؤيده ظاهر النقل عن الذهبي في معجمه.

فأنتم –أحسن الله إليكم- قررتم أنه لايكون سجود بغير تعظيم فوقع عندكم التعارض في كلام شيخ الإسلام فوفقتم برأي وتقسيم.

مع أن شيخ الإسلام أطلق بأن السجود للقبر كفر، ولكنه استثنى صورة وهي من سجد على وجه لأجل ولأجل فقط المال ونحوه، فمثل هذا ليس معظماً للمسجود له ولا عابداً له بل غاية مراده المال.

فلا يصح أن يستثنى من إطلاقه غير ما استثناه هو ونحوه مما يلحقه.

كما أني ألحظ أن هذا التفريق في السجود (بنحو ما قيد به) يقول به شيخ الإسلام عند غير السجود للقبر، وكأنه فرق بين السجود للقبر والسجود للبشر، ولا أجزم به فالأمر يحتاج إلى تتبع كلامه.

وقد سبق النقل وبيان أن أهل العلم يفرقون بين السجود للصنم والشمس وما في معناهما فهو عندهم كفر بإجماع أهل العلم.

وأما السجود لبشر فهو محل الخلاف والتفريق.

أما الخلاف فعده بعضهم مطلقاً كفر.

وأما التفريق ففرق بعضهم بين سجود التحية وبين سجود العبادة.

وأجمعوا على أن سجود العبادة كفر.

أما سجود التحية فأجمعوا على أنه حرام، والجمهور على أنه ليس بكفر وهذا يراه صاحبك أقرب.

ولكن هل سجود التعظيم من قبيل سجود العبادة أو هو من قبيل سجود التحية؟

الذي يظهر هو الأول، وإطلاق شيخ الإسلام يشهد له فلم يستثنه.

وهذا محور الحديث.

ثم إذا تقرر هذا فالذي يقال، هل السجود للقبر من قبيل السجود للشمس أم من قبيل السجود للبشر؟

مسألة رأي شيخ الإسلام فيها يحتاج إلى مزيد تحرير.

قلتم تعليقاً على الإجماع الذي نقله الإيجي:

الذي يظهر أنه إجماع صحيح لا مخصص له، طالما كان السجود تعظيماً للقبر أو المقبور أو غيرهما من المخلوقات.

و لكن يبدو أن لهذا الإجماع تفصيلاً ذكره القرافي رحمه الله و عليه لا يكفر من يسجد تعظيماً للوالدين أو الأولياء أو العلماء، و هو ما أشكل عليه و على العز رحمهما الله.

نعم أحسن الله إليكم هو كما قلتم بعد مراجعة المسألة وجدتهم يفرقون بين السجود لبشر (وهذا فيه تفريق وتفصيل) وبين السجود لشمس أو صنم أو قمر، على ما سبق ذكره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير