تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذكره بعض أهل العلم من كون يعقوب عليه السلام إنما سجد ليحقق رؤيا يوسف عليه السلام و قول بعضهم أنه سجد ليقتدي به بنوه ليزيل ما في القلوب من إحن بسبب ما كان في القصة، و على هذا فإن كان سجود يعقوب لا على سبيل التعظيم فيكون هذا استثناء لسجوده من أصل السجود الذي يلزم منه التعظيم، و الله أعلم.

(فما هو الدليل العقلي الذي يلزم بأن السجود لايكون إلاّ تعظيماً؟)

هو ما سبق ذكره من كون أصل السجود في اللغة يرجع إلى ذل الساجد للمسجود له، فمن اختار أن يذل لغيره راضياً مختاراً فلا يمكن بحال إلا أن يكون ذلك منه لتعظيمه إياه.

قلتم شيخنا (ولكن هل سجود التعظيم من قبيل سجود العبادة أو هو من قبيل سجود التحية؟

الذي يظهر هو الأول، وإطلاق شيخ الإسلام يشهد له فلم يستثنه.)

و لا يخفى عليكم أن تفريقكم بين سجود التحية و سجود التعظيم قد أشكل علي من البداية لا سيما و أنني لا أجد في كلام العلماء ما يفهم منه هذا التفريق.

من جهة أخرى فعدكم كلام ابن تيمية يشهد لهذا التقسيم لأنه لم يستثنه غير مسلم، لأنه لم يصف السجود للملوك و المشايخ ـ في النقل الأخير" أما تقبيل الأرض ورفع الرأس ... " ـ لا بسجود التعظيم و لا بسجود التحية فكونه أراد به سجود التحية دون التعظيم يحتاج لقرينة غير موجودة، بل في كلامه ما يدل على أنه رحمه الله لا يفرق بين سجود التعظيم و التشريف و التحية كما مر في بداية هذه المشاركة، و أعيده هنا

قال في الفتاوى 4/ 361: " ثم يقال السجود على ضربين سجود عبادة محضة وسجود تشريف ... " و كان قد قال قبل ذلك بقليل " فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له وقربة يتقربون بها إليه وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم وسجود أخوة يوسف له تحية وسلام ... " و ربما أنكم شيخنا قد عنيتم هذا النقل بقولكم سابقاً

" ثم فرق بين أن يقال الأمر بالسجود فيه تشريف وتكريم وتعظيم، وبين أن يقال سجد الرجل للرجل تعظيماً."

و أنتم كما ترون من كلامه فإنه رحمه الله لا يتكلم عن الأمر بالسجود بل عن نفس السجود.

و أيضاً فأنتم قد اعترضتم على كون السجود في أصل اللغة يعني الخضوع و التذلل و رأيتم كما فهمتُ أنه لو صح هذا المعنى فيسلم أن يكون التعظيم لازماً للسجود، فابن تيمية رحمه الله يقول (والسجود مقصوده الخضوع وسجود كل شىء بحسبه) فكلامه في الفتوى المنقولة يحمل على فهمه لمقصود السجود و إن كان خاطئاً. فبناء على ما فهمتُه من اعتراضكم على معنى السجود و أنه الخضوع و التذلل فإن ابن تيمية رحمه الله يقول بأن التعظيم لازم للسجود، و حيث إنه فيما يظهر لا يفرق بين سجود التحية و التعظيم، فإن التوفيق الذي ذكرته بين كلامه يكون متوجهاً، و الله أعلم.

قلتُ

نعم شيخنا هو محرم و لا ينبغي و لكن عده كفراً لا يمكن أن يستفاد من حديث معاذ كما سبق بيانه، و الله أعلم.

فقلتم (لم أفهم كيف لايمكن ذلك، إذا أخبره بأنه لاينبغي إلاّ لله فهذا يثبت أنه عبادة، والعبادة دلت الأدلة المتظافرة على أن صرفها لغير الله شرك مخرج عن الملة، اللهم إلاّ إن قيل لم يرد معاذاً سجود التعظيم بل أراد سجود تحية وإكرام كما جاء في بعض الرويات التي تبين أن تحية القوم لأنبيائهم وكبرائهم كانت كذا.)

لكن شيخنا أنا لم أجد في أي من روايات الحديث لفظة " لا ينبغي إلا لله "، فإذا كانت هذه العبارة فقط هي الدليل من الحديث على أن هذا السجود كان عبادة فعدم وجودها يعني أن الحديث لا يمكن أن يستفاد منه أن السجود لغير الله يعد كفراً.

من جهة أخرى شيخنا فقولكم " إذا أخبره بأنه لاينبغي إلاّ لله فهذا يثبت أنه عبادة " يعني أن هذه العبارة لوثبتت فهي تدل على أن السجود الذي سجده معاذ كفر سواء سجد سجود تعظيم كما أقول أو سجود تحية كما تقولون، و عندها يكون لاستشكالي تفريقكم بين السجودين وجه. فإما ان يكون قوله " لا ينبغي إلا لله " يثبت أنه عبادة سواء كان تعظيم أو تحية، و إما ألا تكون عبارة " لا ينبغي إلا لله " ـ على فرض ثبوتها ـ كافية لإثبات هذا السجود كعبادة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير