تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).

فمن رام أن يلتحق بركب تلك العصبة فليرقب الله والدار الآخرة، وليعلم أن هذا الأمر دين، وأن الكلام في الرجال جاء لمصلحة شرعية، فلا تتجاوز إلى ما فوقها، ولا تستعمل في غير محلها، وأن الظلم ظلمات يوم القيامة، والبغي والظلم عائد على أهله، والله تعالى يقول: (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ) (يونس: من الآية23)، وقال: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور:15)، فالكلام في الرجال لمصلحة شرعية جاء على خلاف الأصل فأبيح لمصلحة شرعية، فيرتفع الحظر حينئذٍ، ولا يعد ذلك غيبة، بل هو أجر وقربة، فلا يتصدى لنقد الرجال إلاّ من كان عالماً بدين الله، عالماً بأوجه النقد وصوره، تقياً نقياً أميناً عدلاً رضى، ولهذا لم يدخل في سلك نظامه إلاّ أئمة الهدى، وأهل التقى، من أئمة الجرح والتعديل على مرّ التأريخ، ومن نظر في تراجم أئمة الجرح والتعديل وقف على ما هم عليه من عبادة وزهد وورع وتقوى، فكيف بزماننا اليوم وقد تربع على أريكة الجرح والتعديل الأحداث، وسفهاء الأحلام، والله المستعان، فلا يخاطر المرء بنفسه في هذا الشأن فإنه ليس بهين بل هو عند الله عظيم، وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على أنه لا يجوز التطاول في عرض شخصٍ بأكثر مما يستبين حاله، ولما قال اليهودي للنبي صلى الله عليه وسلم: السام عليكم، فقال: وعليكم، فقالت عائشة رضي الله عنها: وعليكم السام واللعنة، أنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لتجاوزها، والله تعالى يأمر بالعدل، ويحذر من البغي والظلم، ويقول سبحانه: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (النحل:126)، ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8)، وقال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الأنعام:152)، فليأخذ المسلم الحيطة لنفسه، ولا يقدم على هذا الأمر إلاّ بعدل ودينٍ وأمانة، وما نقل من عبارات العلماء في العصر الحاضر في نقد الرجال فالواجب عليه أن يتعامل معها بموجب ما قرره أهل العلم مما سبق جمعه هنا في كيفية التعامل مع عبارات التعديل والتجريح، ويقبل الحال المعتبر بالضوابط التي سبق ذكرها مختصرة، والله يصلح الأحوال، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتب ذلك – على عجل وشغل - أخوكم الفقير إلى عفو ربه: أبو عبدالرحمن بدر بن علي بن طامي العتيبي، بعد فجر يوم الخميس 2جمادى الآخرة سنة 1424هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فضيلة الشيخ عبدالله بن حميد الفلاسي

حمد الله له مساعيه، وغفر له ولوالديه وزوجه وذويه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:

اعلم أن مسألة: هل الأصل في المسلم العدالة أم لا، مسألة خلافية اشتهر الكلام فيها عند أهل العلم في الفقه وعلم الحديث وأصول الفقه من قديم الزمان، وضمنوا الكلام على هذه المسألة في أبواب الشهادات من أبواب الفقه وأبواب الرواية من كتب الحديث وأصول الفقه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير