ولكن للأسف تجد بعض المتعالمين اليوم يغفلون أو يتغافلون عن هذا القدر العظيم وهذا المنزلة الجليلة لهؤلاء العظام رضوان الله تعالى عنهم, فيقدحون في صحابة رسول الله تلميحاً لا تصريحاً بل وبعضهم تصريحاً ويحتج بأنهم ليسوا سواء وهم والله سواء في محبتنا لهم والإمساك عما شجر بينهم وذكرهم بالخير والترضي عليهم أذا ذُكروا, بل وفي أخذ العلم عنهم لان العدالة تقاس بهم فكلهم عدول وهذا بإجماع أهل العلم, ولم يخالف إلا شرذمه من أهل السوء.
قال ابن عبد البر في التمهيد: [ولا فرق بين أن يُسمِّي التابعُ الصاحبَ الذي حدَّثه أو لا يُسميه في وجوب العمل بحديثه؛ لأنَّ الصحابةَ كلَّهم عدولٌ مرضيُّون ثقاتٌ أثباتٌ، وهذا أمر مجتمعٌ عليه عند أهل العلم بالحديث]. أهـ
وقال القرطبي في تفسيره: [فالصحابة كلُّهم عدولٌ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه، وخِيرتُه من خلقه بعد أنبيائه ورسله، هذا مذهب أهل السنَّة والذي عليه الجماعة من أئمَّة هذه الأمَّة، وقد ذهبت شِرذمةٌ لا مبالاة بهم إلى أنَّ حالَ الصحابة كحال غيرهم، فيلزم البحث عن عدالتهم!!]. أهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: [واتَّفق أهلُ السنَّة على أنَّ الجميعَ عدولٌ، ولَم يخالف في ذلك إلاَّ شذوذ من المبتدعة]. أهـ
وقال أبو عمرو بن الصلاح في علوم الحديث: [للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنَّه لا يُسأل عن عدالة أحدٍ منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه؛ لكونهم على الإطلاق
معدَّلين بنصوص الكتاب والسنة إجماع من يُعتدُّ به في الإجماع من الأمَّة, ثمَّ إنَّ الأمَّةَ مجمعةٌ على تعديلِ جميع الصحابة، ومَن لابس الفتنَ منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يُعتدُّ بهم في الإجماع؛ إحساناً للظَّنِّ بهم، ونظراً إلى ما تمهّد لهم من المآثر، وكأنَّ الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماعَ على ذلك لكونهم نقلة الشريعة، والله أعلم].أهـ
وقال النووي في شرحه على مسلم: [ولهذا اتَّفق أهلُ الحقِّ ومن يُعتدُّ به في الإجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم، رضي الله عنهم أجمعين].أهـ
ونقل الخطيب عن الحسين بن إدريس قال: [وسألتُه يعني محمد بن عبد الله بن عمار: إذا كان الحديثُ عن رجلٍ من أصحاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أيكون ذلك حجَّة؟ قال: نعم! وإن لَم يسمِّه؛ فإنَّ جميعَ أصحاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كلّهم حجّة].أهـ
وقد ثبت عن جمع من أهل السنة حجية قول الصحابي أذا لم يخالفة صحابي أخر, ويقدمون قول الخلفاء الراشدين وعلماء الصحابة في حال الاختلاف ما لم يخالف النص من الكتاب أو السنة, لقوله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)) وقوله عليه الصلاة والسلام: ((واهْتَدُوا بهَدْي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عَبْد)) وهو ابن مسعود رضي الله عنه, وثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((عبدالله رجل صالح لولا أن يقوم من الليل)) فما ترك قيام الليل رضي الله عنه, وصح عن النبي عليه الصلاة والسلام دعاءه لابن عباس رضي الله عنهما: ((اللهم علمه الحكمه وتأويل الكتاب)) فلذلك يقدم فهم ابن عباس في تفسير القرآن فهو ترجمان القرآن كما وصفه بذلك ابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.
فكيف لا يكون قولهم حجه وهم شهدوا المشاهد مع النبي عليه الصلاة والسلام وسمعوا القرآن غضاً طرياً بصوت رسول الله عليه الصلاة والسلام, بل هم العرب الاقحاح أهل اللغه الأصليين الذين نزل القرآن بلغتهم المتداوله ذلك الوقت, وقد ظهرت فئة من أهل الضلال هذه الأيام يقولون ويدعون الى مراجعة جميع أقوال الصحابة ولم يستثنوا أحداً منهم ساء ما يقولون!!
يقول ابن القيم رحمه الله:
فهم بَرْكُ الإسلام وَعِصَابة الإيمان، وعَسْكر القرآن، وجند الرحمن، أولئك أصحابه صلى الله عليه وسلم، ألْيَنُ الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأحسنها بياناً، وأصدقها إيماناً، وأعمها نصيحةً، وأقربها إلى الله وسيلة. أهـ
ويقول رحمه الله أيضاً:
¥