تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويستدل الجابري على إسقاط الحدود بحديث (ادرأوا الحدود بالشبهات) مدعياً أن شبهات عصرنا كثيرة ومتفرعة بسبب تعقد الحياة المعاصرة وتنوع الحوافز فيها، بالإضافة إلى وجود الشبهات الراجعة إلى السياسة التي تجعل تنفيذ الحدود يلتبس بالأغراض والدوافع السياسية، وتلك –كما يقول- شبهة وأية شبهة ([27]).

ويدّعي أن الشريعة الإسلامية لم تطبق تطبيقاً كاملاً في كل مراحل التاريخ الإسلامي بما فيها المرحلة الأولى في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، فنراه يعلنها صراحة في قوله: "أنا لا أجد حرجاً لا في ديني ولا في وجداني ولا في عقلي إذا قلتُ إن الشريعة الإسلامية لم تطبق قط كاملة في يوم من الأيام" ([28])!!

ويرى الجابري أن "السلفية" التي تعني –كما يقول- استقامة السلوك والتجديد في الدين والعمل من أجل المستقبل من خلال الدعوة إلى الرجوع إلى سيرة السلف الصالح؛ لا تناسب الأمة الإسلامية في العصر الحاضر للحفاظ على وجودها واستمراريتها، لأن "السلفية" –في رأيه- "نوع من المقاومة الذاتية لأمراض داخلية ذاتية المنشأ، وقد كانت كافية وناجعة عندما كانت الحضارة العربية الإسلامية هي حضارة العالم لعصرها، أعني غير مزاحمة ولا مهددة بحضارة معاصرة لها على صعيد الزمن" ([29]). ويرفض نموذج السلف، ويرى أن النموذج الذي يجب استلهامه من أجل إعادة بناء الذات تجربتان: أولاهما جماع التجربة التاريخية لأمتنا بغض النظر عمن صدرت عنهم هذه التجربة وعن موافقتها للحق والصواب من عدمه. والثانية: التجربة التاريخية لمختلف الأمم الأخرى، فنراه يقول ما نصه: "النموذج الذي يجب استلهامه من أجل إعادة بناء الذات؛ ذاتنا نحن وتحصينها وتلقيحها ضد الذوبان والاندثار والاستلاب ينبغي ألا يكون من نوع "النموذج –السلف" الذي يُقدّم نفسه كعالم يكفي ذاته بذاته، بل يجب أن يشمل جماع التجربة التاريخية لأمتنا مع الاستفادة من التجربة التاريخية للأمم التي تناضل مثلنا من أجل الوجود والحفاظ على الوجود، وأيضاً من التجربة التاريخية للأمم التي أصبحت اليوم تفرض حضارتها كحضارة للعالم أجمع. لقد كانت السلفية كافية وفعالة وإجرائية يوم كنا وحدنا في بيت هو بيتنا وبيت لنا في نفس الوقت، أما وقد أصبحنا جزءاً في كل فإن الطريق الوحيد لإثبات وجودنا والحفاظ على خصوصيتنا داخل هذا الكل هو طريق التعامل معه بالمنطق الذي يؤثر فيه؛ منطقه هو ولكن من مواقعنا لا من مواقع غيرنا، ومنطق الكل الذي ننتمي إليه اليوم – أعني منطق الحضارة المعاصرة- يتلخص في مبدأين: العقلانية، والنظرة النقدية. العقلانية في الاقتصادي والسياسة والعلاقات الاجتماعية، والنظرة النقدية لكل شيء في الحياة؛ للطبيعة والتاريخ والمجتمع والفكر والثقافة والإيديولوجيا. هذا في حين أن منطق سيرة السلف الصالح –التي تُمثل "المدينة الفاضلة" في التجربة التاريخية للأمة العربية الإسلامية- كان شيئاً آخر، كان منطقه يقوم على المبدأ التالي: الدنيا مجرد قنطرة إلى الآخرة، وقد أدى هذا المنطق وظيفته يوم كان العصر عصر إيمان فقط وليس عصر علم وتقنية وأيديولوجيات" ([30])). انتهى كلام الدكتور القوسي –سلمه الله-.


([1]) انظر: مجلة الجديد في عالم المكتبات، العدد 17، وكتابه حفريات في الذاكرة، وغلاف كتابه (الخطاب العربي المعاصر) في طبعته الخامسة عام 1994م، مركز دراسات الوحدة العربية-بيروت. ورسالة الدكتور مفرح القوسي (المنهج السلفي والموقف المعاصر منه في البلاد العربية) (2/ 561).

([2]) لم تُنشر بعد. وهي موجودة لدى مكتبة الملك فهد بالرياض.

([3]) الندوة العدد 8778

([4]) الشرق الأوسط العدد 3395 بتصرف.

([5]) مع الاعتذار للأستاذ (سليمان الفليح) صاحب زاوية (هذرلوجيا).

([6]) الشرق الأوسط، العدد 4093

([7]) الندوة، العدد 9071

([8]) الحوار القومي الديني

([9]) للمزيد: انظر دراسة د. صالح العبود عن القومية العربية في ضوء الإسلام، ولمعرفة حقيقة الديمقراطية التي دائما ما يطنطن حولها انظر (نقض النظام الديمقراطي) د. محمود الخالدي.

([10]) الرياض العدد 8224 زاوية لقاء.

([11]) مما يؤسف له حقاً أن من بين المتمسكين بالنص في الإسلام من يتصور أن الإسلام ضد العقلانية، وأن مقتضى الوفاء للنص يعني الحرب والعداء للعقل، ولذلك يصفون المخالفين لهم (بالعقلانيين). وهذا خطأ مركب، فعلماء السلف لم يكونوا يسمون أهل البدع إلا بأهل "الأهواء" لا أهل العقول، ولم يكونوا يحاربون العقل أبداً، كيف والله تعالى يبين في كتابه الكريم أن هلاك الهالكين إنما كان بسبب ترك النص والعقل (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)، وهذه العجالة لا تكفي لتوفية هذا الموضوع حقه.

([12]) وجهة نظر نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر ص40 - 41، ط الثانية 1994م، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت –لبنان. وانظر: التراث والحداثة ص 10 - 11، ط الأولى 1991م، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت –لبنان.

([13]) وجهة نظر ص 40.

([14]) المرجع السابق ص 57. وانظر: التراث والحداثة ص 10 - 11.

([15]) وجهة نظر ص 63.

([16]) المرجع السابق ص 66.

([17]) المرجع السابق ص 62.

([18]) المرجع السابق ص 61.

([19]) المرجع السابق ص 63 – 64.

([20]) لعله يقصد هنا الآية الكريمة وهي قوله تعالى: (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) آل عمران 97.

([21]) المرجع السابق ص 58.

([22]) المرجع السابق ص 59. وانظر: التراث والحداثة ص 10 - 11.

([23]) وجهة نظر ص 61.

([24]) المرجع السابق ص 60 – 61.

([25]) المرجع السابق ص 67.

([26]) المرجع السابق ص 68.

([27]) انظر: وجهة نظر ص 68 - 72.

([28]) المرجع السابق ص 73. وراجع ص 72 - 76 من المرجع نفسه.

([29]) المرجع السابق ص 45.

([30]) المرجع السابق ص 45 –46.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير