وأوضح للقارئ أن من يصوم للريجيم فليس متعبداً للريجيم، ولا نقول عنه بأنه صائم، وأيضاً لا يمكن أن نحرم فعله، لأن هذا يتوقف على نيته، وكذلك من يطوف بالملعب سبعة أشواط للرياضة، هل يقول عنه أحد بأنه يعبد الملعب؟ قلت: إذا كان من يطوف بالقبر يعبد القبر؟ إذاً بهذا المفهوم نعتبر من يطوف بالبيت الحرام يعبد الكعبة، ولكن هل يقول مسلم بهذا؟ ولكن نقول الأول غير مشروع والثاني مشروع، أي الطواف بالبيت، ولا نقول الطواف بالقبر شرك، بل العلماء مختلفون، هل هو حرام أم شرك؟))
- وفي مكان آخر في المقابلة يقول: ((أما الطواف بالقبور فغير مشروع عند كل المسلمين بمن فيهم الصوفية، واختلفوا هل هو حرام أو مكروه؟ ولم يقل أحد بأنه شرك إلا بعض المعدودين على الأصابع ممن ينسب إلى العلم)).
- وسنحاول بإذن الله تعالى توضيح ما جاء في هذا الكلام من الأخطاء الفادحة وغير العلمية التي يصعب أن تصدر من أحد المعدودين على أهل العلم أو ممن عد نفسه طالب علم يبين حقيقة الإسلام كما وردت في الكتاب والسنة .. ونتساءل أين حقيقة الإسلام؟ قولك بأن ابن تيمية لم يقل أن الطواف بالقبور ليس شركاً، وأن الصوفية يرون عدم جواز الطواف بالقبور، وأن الاحتفال بالمولد له أصول شرعية.
الطواف بالقبور
لقد وردت أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الطواف بالقبور بأماكن متعددة في كتبه ومن عدم الأمانة العلمية أن نأخذ قولاً ونترك الأقوال الأخرى، وهذا ما فعله الدكتور الشريف، حيث إنه نقل قول الشيخ الذي كان مفاده " ليس هناك مكان يطاف به لما يطاف بالكعبة, ومن اعتقد أن الطواف بغيرها مشروع، فهو شر ممن يعتقد جواز الصلاة إلى غير الكعبة" ولكنه بقصد أو بغير قصد لم يورد قوله الذي جاء في الجزء نفسه صفحة 27/ 91 - 92، حيث يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " أما التمسح بالقبر - أي قبر كان - وتقبيله وتمريغ الخد عليه فمنهي عنه باتفاق المسلمين، ولو كان ذلك من قبور الأنبياء، ولم يفعل هذا أحد من سلف الأمة وأئمتها، بل هذا من الشرك ".
وهذه عبارة صريحة من شيخ الإسلام تؤكد أن التبرك بالقبور من الشرك، ومن هنا نتساءل ما الفرق بين الطواف والتمسح؟ إذا لا يريدون بتلاعب الألفاظ فقط، مع العلم أن الطواف عبادة شرعية أمرنا الله تعالى أن نطوف حول الكعبة فقط، وإذا كان عبدالغفار الشريف يرى أن الطواف بالقبور غير مشروع، فلماذا هذه التبريرات كلها؟ ولماذا حاول الإفتراء على شيخ الإسلام؟ ولماذا لا يقول الطواف بالقبور غير مشروع وبدعة ويجب على المسلمين الابتعاد عنه؟ وهذه بعض أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الطواف بالقبور:
يقول رحمه الله تعالى: " كان السلف يأمرون بتسوية القبور وتعفية ما يفتتن به منها، كما أمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بتعفية قبر دانيال لما ظهر بتستر فإنه كتب إليه أبو موسى يذكر أنه قد ظهر قبر دانيال، وأنهم كانوا يستسقون به فكتب إليه عمر يأمره أن يحفر بالنهار ثلاثة عشر قبراً ثم يدفنه بالليل في واحد منها ويعفيه لئلا يفتتن به الناس ". [27/ 121].
ويقول أيضاً: " وقد كان أصل عبادة الأوثان من تعظيم القبور، كما قال تعالى: ((وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودّاً ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا)).
قال السلف كابن عباس - رضي الله عنه - وغيره: كان هؤلاء قوماً صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم عبدوهم ". [27/ 124].
ولم يكن في العصور المفضلة " مشاهد " على القبور وإنما ظهر ذلك وكثر في دولة بني بويه، لما ظهر القرامطة بأرض المشرق والمغرب وكان بها زنادقة كفار، مقصودهم تبديل دين الإسلام. [27/ 167].
فإن المراد بالطواف الذي يكون شركاً هو الطواف بغير الكعبة مع قصد التقرب لغير الله تعالى، كالطواف بالقبور والمشاهد ونحوها، فالطواف عبادة لقوله تعالى: ((وليطوفوا بالبيت العتيق)) [الحج: 29].
¥