تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا القول قد عزاه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - إلى الفلاسفة ومن أخذ عنهم من متفلسفة المسلمين وذكر منهم ابن سينا وأبا حامد الغزالي ثم قال: " وهذه الأحوال هي من أصول الشرك وعبادة الأصنام وهي من المقاييس الفاسدة التي قال بعض السلف: (ما عُبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس) , وهي من أقوال من يقول: (إن الدعاء تأثيره بكون النفس تتصرف في العالم لا بكون الله يجيب الداعي) ".

وما في كتب الغزالي من الخزعبلات أكثر من أن تذكر، وقد قال عنه تلميذه أبوبكر ابن العربي: " شيخنا أبوحامد بلع الفلاسفة، وأراد أن يتقيأهم فما استطاع ".

كل هذا يؤكد ما عند الصوفية من الخرافات والمفاسد العقدية التي ينبغي أن يحذر منها العلماء لأن الأمانة التي حملهم الله إياها تقتضي ذلك قال تعالى: ((وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون)) [آل عمران: 187].

ويقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: " وفي هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم ويسلك بهم مسلكهم, فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتموا منه شيئاً فقد ورد في الحديث المروي من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار)) ".

- ولهذا علينا أن نؤكد للدكتور ولغيره ممن يحب تبرير البدع للناس أن المشاهد والقباب والمساجد المبنية على القبور ليست شركاً في ذاتها ولكنها وسائل للشرك، وقد أدت إلى الأهداف التي أنشئت من أجلها، وآتت ثمارها وظهر الشرك بالله تعالى بشكل لافت للنظر منذر بالخطر، مفزع لكل غيور على نقاء العقيدة وصفاء التوحيد، ومفرح لكل شامت ومتربص بالإسلام وأهله، وهذه نماذج أخرى مما ذكره علماء المسلمين من بلاد متفرقة من بلاد الإسلام تصور لنا مدى الانحراف الذي وصلت إليه الأمة في عقيدتها وفي توحيدها بشكل خاص.

- يقول الشيخ أبوالحسن الندوي - رحمه الله تعالى - في ترجمته لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - من كتابه "رجال الفكر والدعوة": " كانت العقائد الشركية قد نالت رواجاً بين عامة المسلمين بسبب اختلاطهم مع أصناف من المشركين، ونفوذ الدولة الفاطمية الباطنية الإسماعيلية وانتشار الصوفية، فكانوا يحملون من العقائد الشركية في الأولياء والصالحين والمشايخ ما كان يعتقده اليهود والنصارى والمشركون، من الطواف حول القبور والاستغاثة بأصحابها والحج إليها وبناء المساجد الفخمة عليها وعقد المهرجانات عليها عاماً مقاماً والنذور للقبور، وقد عمَّت وطمَّت هذه العقائد إلى أن جعلوا الميت كالإله, والشيخ الحي كالنبي، وكانوا قد عزلوا الله تعالى عن أن يتخذوه إلهاً وعزلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يكون رسولاً، وارتكبوا ما كان محض دين المشركين والنصارى، وقد وصلوا في عبادة القبور والسجود لها ودعاء أصحابها وجعل القبور قبلة وكعبة إلى حد كان هؤلاء القبوريون المشركون بالقبور يجدون عند عبادة القبور من الرقة والخشوع والدعاء وحضور القلب ما لم يجده أحدهم في مساجد الله. إلى أن كان الفسقة الفجرة أصحاب الكبائر من هؤلاء القبورية لا يتحاشون الكبائر. ولكن إذا رأوا الميت أو الهلال فوق رأس قبة القبر المعبود خشوا من فعل الفواحش، فيخشون المدفون تحت الهلال ولا يخشون خالق الأكوان، وكانوا يحلفون بالله بالكذب ولا يحلفون بالميت كذباً، فكانوا في الشرك كما كان قوم إبراهيم حيث قال لهم: ((وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً)) [الأنعام:81] , وكان بعضهم يفضل شيخه على الأنبياء والمرسلين ويعتقد فيه الإلهية كالنصارى إلى غير ذلك من الكفريات والشركيات التي تدل على أن القبورية الوثنية قد عمت العباد وطمت البلاد إلا من شاء الله ".

بدعة المولد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير