تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[01 - 04 - 06, 05:42 م]ـ

وهذا رد آخر كذلك كتبه الشيخ داود العسعوسي حفظه الله في عدد الفرقان الأخير

فتوى جواز الطواف حول المراقد والقياس الفاسد

بقلم: الشيخ داود العسعوسي

دخل رجل على ربيعة بن أبي عبدالرحمن عالم المدينة ومفتيها، فوجده يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ أمصيبة دخلت عليك؟ فقال: لا .. ولكن استفتي من لا علم له فظهر في الإسلام أمر عظيم، فوالله إن بعض من يفتي ههنا أحق بالحبس من السراق!

نعم - والله - لقد ظهر اليوم في إسلامنا أمر عظيم وخطب جسيم! فأي أمر أعظم من الدعوة الصريحة إلى نواقض التوحيد وتسهيل أسبابها؟! وأي أمر أعظم من إحياء سنة اليهود والنصارى في بلاد التوحيد؟! وأي أمر أعظم من قياس الطاعة والسنة بالمعصية والبدعة؟!

لقد - وقف شعري - والله من تلك المقولة النكراء والفتوى البتراء، حين كان صاحبها يناقش قضية التجرؤ على الفتيا من بعض المتعالمين وذكر - مستغرباً - مثالاً على ذلك ما - يدندن - به البعض من أن الطواف بالقبور لا يجوز!! ويستنكر ذلك قائلاً: إن الطواف بالقبور لا شيء فيه، بل هو شبيه بالطواف بالكعبة، فهل نحن بطوافنا حولها نعبدها؟ فكذلك القول بالنسبة للطواف حول القبور، فالأمر واحد ولا يجوز القول بتحريمه!!

- سبحانك ربي .. هذا بهتان عظيم, وقياس فاسد عقيم، فكيف يستوي توحيد الله وعبادته المتمثلة بالطواف بالبيت العتيق الذي أمرنا به ربنا جل وعلا بقوله: ((وليطوفوا بالبيت العتيق)) وعلمناه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في عمرته وحجته ورغبنا فيه طاعة لله وقربة إليه، كيف يستوي هذا مع عمل أحدثه المحدثون ونادى به الجهال والمتعالمون ليساووا قبور الأموات ببيت رب الأرض والسموات، ويفتحوا على الأمة باب الابتداع مصراعاً بعد مصراع!!

ثم قل لي بربك: أي مسلم عاقل ذي فطرة سليمة يقول - أو يخطر بباله أصلاً -: إن الطواف بالكعبة عبادة لها وهو يقرأ النص المحكم ((فليعبدوا رب هذا البيت)) وليس ((البيت)) فلو اعتقد بطوافه حول البيت العبادة له، فقد حبط عمله وذهب طوافه هباء منثورا؛ لأن الطواف عبادة ولا يجوز صرفها إلا لله، فلم التلبيس على الناس واختيار النوع الفاسد من القياس؟!

ولو جارينا صاحب القياس على قياسه لفتحنا باب الإفساد في الدين والتلاعب في شريعة رب العالمين، فقد يقول قائل: كذلك من يتوجه في صلاته إلى الكعبة، فهو لا يعبدها إذاً يجوز له أن يتوجه في صلاته إلى القبور، لأنه لا يعبدها!! فأي تلاعب في الدين أصرح - بل أقبح - من هذا؟!

ثم نقول: هل غاب عن ذهن - الدكتور الأمين - ما جاء في كتاب رب العالمين من أن تعظيم القبور وقصدها بالطواف غلو مذموم ووسيلة إلى الشرك ومشابهة لليهود والنصارى وعباد الأوثان كما قال تعالى: ((وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا)) وقد كانت هذه - كما قال ابن عباس - أسماء لرجال صالحين، عكف الناس على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم وعبدوها، فصدق عليهم إبليس ظنه وسقطوا في فخه وشنه!! ورحم الله الحافظ الحكمي حين يقول متحسراً ومتندماً على ما يفعله كثير من العوام عند القبور من مخالفات وطوام ..

قد صادهمْ إبليسُ في أفخاخِهِ ... بل بعضهم قد صار مِن أفراخِهِ

يدعو إلى عبادة الأوثانِ ... بالمال والنفس وباللسانِ

فليتَ شعري مَن أباح ذلكْ ... وأورط الأمة في المهالكْ

فيا شديدَ الطَّولِ والإنعامِ ... إليك نشكو محنة الإسلامِ

لقد أجمع أهل العلم على اختلاف مذاهبهم الفقهية على حرمة الطواف بالقبور، فانظر الزواجر للهيثمي 1/ 148 والمدخل لابن الحاج 1/ 262 وشرح المنتهى للبهوتي 1/ 594 والاقتضاء والرد على الأخنائي لابن تيمية وغيرها، فلا يجوز - إجماعاً - الطواف بغير الكعبة حتى لو كان المطوف به هو قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الطواف بقبره داخل في نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيداً؛ ولأن الطواف من خصائص البيت الحرام لا يشاركه فيها مكان آخر لعدم الدليل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير