تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام: فحرم صلى الله عليه وسلم ان تتخذ قبورهم مساجد بقصد الصلوات فيها كما تقصد المساجد وان كان القاصد لذلك انما يقصد عبادة الله وحده لأن ذلك ذريعة الى ان يقصدوا المسجد لأجل صاحب القبر ودعائه والدعاء به والدعاء عنده فنهي رسول الله عن اتخاذ هذا المكان لعبادة الله وحده لئلا يتخذ ذريعة الى الشرك بالله، والفعل اذا كان يفضي إلى مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة ينهى عنه كما نهي عن الصلاة في الاوقات الثلاثة لما في ذلك من المفسدة الراجحة وهو التشبه بالمشركين الذي يفضي الى الشرك. اهـ

وقال في موطن آخر: انه نهى عن بناء المساجد على القبور ولعن من فعل ذلك ونهى عن تكبير القبور وتشريفها وأمر بتسويتها ونهى عن الصلاة إليها وعندها وعن ايقاد المصابيح عليها لئلا يكون ذلك ذريعة الى اتخاذها اوثانا وحرم ذلك على من قصد هذا ومن لم يقصده بل قصد خلافه سدا للذريعة. اهـ.

عن عائشة رضي الله عنها قالت لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية وكانت ام سلمه وأم حبيبة زوجتاه رضي الله عنهما اتتا ارض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها فرفع رأسه فقال: (أولئك اذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصور اولئك شرار الخلق عند الله)

يقول ابن القيم: ان فتنة الشرك بالصلاة في القبور ومشابهة عباد الأوثان اعظم بكثير من مفسدة الصلاة بعد العصر والفجر، فإذا نهي عن ذلك اي عن الصلاة بعد هذين الوقتين سدا لذريعة التشبه التي لا تكاد تخطر ببال المصلي فكيف بهذه الذريعة القريبة التي كثيرا ما تدعو صاحبها الى الشرك ودعاء الموتى واستغاثتهم وطلب الحوائج منهم واعتقاد ان الصلاة عند قبورهم افضل منها في المساجد وغير ذلك مما هو محادة ظاهرة لله ورسوله. اهـ

وقال في موطن آخر: فإذا حرم الرب تعالى شيئاً وله طرق ووسائل تفضي اليه فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقا لتحريمه وتثبيتا له ومنعا ان يقرب حماه ولو اباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضا للتحريم واغراء للنفوس به وحكمته تعالى وعلمه يأبي ذلك كل الإباء بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك فان احدهم اذا منع جنده او رعيته او اهل بيته من شيء ثم اباح لهم الطرق والاساليب والذرائع الموصلة اليه لعد متناقضا ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده، وكذلك الاطباء اذا ارادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة اليه والا فسد عليهم ما يرومون اصلاحه فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في اعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال ومن تأمل مصادرها ومواردها علم ان الله تعالى ورسوله سدا الذرائع المفضية الى المحارم بان حرمت ونهي عنها والذريعة ما كان وسيلة وطريقا الى الشيء. اهـ

ونختتم بكلام نفيس للصنعائي رحمه الله: بعد سياقه لبعض الاحاديث المبينة لصفات القبور الشرعية وقوله: وهذه الاخبار المعبر فيها باللعن والتشبيه بقوله: (لا تجعلوا قبري وثنا يعبد من دون الله) تفيد التحريم للعمارة والتزيين والتحصيص ووضع الصندوق المزخرف ووضع الستائر على القبر وعلى سمائه والتمسح بجدار القبر او ذلك قد يفضي مع بعد العهد وفشو الجهل الى ما كانت عليه الامم السابقة من عبادة الاوثان فكان في المنع عن ذلك بالكلية قطع لهذه الذريعة المفضية الى الفساد وهو المناسب للحكمة المعتبرة في شرع الاحكام من جلب المصالح ودفع المفاسد سواء كانت بانفسها او باعتبارها ما تفضي اليه. اهـ

كل هذه الاقوال سد لذريعة الشرك وحماية لجناب التوحيد وبيان عظم ومفسدة الطريق الموصل الى المحرم والمحاد لله والتي ضل بها اقوام لم يكونوا على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فلله الحمد والمنة ان بيّن لنا رسول الامة الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ولا يزيغ عنها الا هالك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير