تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الامام احمد بن حنبل في مسنده (4/ 102) بلفظ 'كلها في النار الا واحدة وهي الجماعة'، وأبو داود في سننه (5/ 5 - رقم 4597) بلفظ 'ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة'، وابن ماجه في سننه (2/ 1322 - رقم 3993) بلفظ 'كلها في النار الا واحدة' والحاكم في المستدرك (1/ 128) بلفظ 'كلها في النار إلا واحدة'، وقد صححها جماعة من أهل العلم، قال الحاكم: 'هذه اسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث' ووافقه الذهبي، وقال ابن حجر في تخريج الكشاف ص63: 'إسناده حسن'، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 'إسناده صحيح رجال ثقات'، والدكتور محمد عبدالغفار يقول انه يدرس احياء علوم الدين، فليته قرأ تخريج احاديث احياء علوم الدين للحافظ العراقي حيث صحح هذه اللفظة وقال: 'رواه الترمذي من حديث عبدالله بن عمرو وحسنه، وأبو داود من حديث معاوية، وابن ماجة من حديث أنس وعوف بن مالك، واسانيدها جياد'.

فهل هؤلاء العلماء الكبار وغيرهم زنادقة؟!

والحديث اذا شرح شرحا صحيحيا زال الاشكال، ولعلي اكتب مقالا في ذلك، واكتفي هنا بقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: 'لا يجعل أحد بمجرد ذنب يذنبه ولا ببدعة ابتدعها ولو دعا الناس اليها كافرا في الباطن، الا اذا كان منافقا، فأما من كان في قلبه الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به، وقد غلط في بعض ما تأوله من البدع، فهذا ليس بكافر اصلا، والخوارج كانوا من اظهر الناس بدعة وقتالا للامة وتكفيرا لهم، ولم يكن في الصحابة من يكفرهم لا علي بن ابي طالب ولا غيره، بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين' مجموع الفتاوى (7 - 217).

خامسا: مدائن صالح واتباع المتشابه

اخبر الله ان المبتدع ومريض القلب بالشبهات يتبع المتشابه، كما قال تعالى 'فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله'، ود. محمد عبدالغفار اعترض على النصوص المحكمة الواضحة كقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه لأبي الهياج الاسدي: 'ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع قبرا مشرفا الا سويته، ولا تمثالا الا طمسته' رواه مسلم، وكان من اعتراضه التعلق بالمتشابه حيث قال: 'ان النبي صلى الله عليه وسلم مر بمدائن صالح ولم يكسر الاصنام'، كذا توهم، وفاته ان مدائن صالح بلدة انزل الله بها العذاب، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن دخولها، كما قال عليه الصلاة والسلام: 'لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين، اني اخشى ان يصيبكم مثل ما اصابهم فلا تدخلوا عليهم'، وفي الصحيحين في بعض الروايات ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مر بمنازلهم قنع رأسه وأسرع راحلته، ونهى عن دخول منازلهم.

واذا كان نبيهم صالح عليه السلام ترك هذه المدائن بعد نزول العذاب، فكيف لنا ان ندخلها لنكسر حجارتها، قال تعالى عن صالح عليه السلام: 'فتولى عنهم وقال يا قوم لقد ابلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، ولكن لا تحبون الناصحين'، قال الحافظ ابن كثير 'إخبار عن صالح عليه السلام انه خاطب قومه بعد هلاكهم، وقد اخذ في الذهاب عن محلتهم الى غيرها' البداية والنهاية (1/ 319).

ومن يثر مثل هذه الشبهات فهو في الحقيقة مضاد لدعوة الرسل جميعا، فهل ارسل الله نوحا بعد ان كان الناس على الفطرة الا لاتخاذ الناس اصناما لهم، مع انهم اولا لم يكونوا يعبدونها، ثم جاء من بعدهم فعبدوها، قال تعالى عنهم 'وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا' فقال الله 'وقد اضلوا كثيرا'.

وكذلك ما يقع من الاصنام في بعض النواحي لا يجوز ان يستدل بها احد لأن الكتاب والسنة حاكمان على اعمال الناس، لا العكس، هذا من جهة، ومن جهة اخرى، فإن الانسان قد لا يحيط بحقيقة التاريخ في كل الازمنة الى يومنا الحاضر، إما لنقص علمه واما لفوات تدوين بعض الحوادث في كتب التاريخ، وهذا صنم ابي الهول في مصر ذكر المقريزي انه في سنة احدى عشرة وسبعمائة نزل امير يعرف ببلاط في نفر من الحجارين والقطاعين وكسروا الصنم، وذكر انه في زمنه ايضا شخص يعرف بالشيخ محمد صائم الدهر من جملة صوفية الخانقاه الصلاحية سعيد السعداء قام في نحو من سنة ثمانين وسبعمائة سار الى الاهرام وشوه وجه ابي الهول وشعثه'. المواعظ والاعتبار (1/ 230).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير