قد كان في تاريخ الإسلام كفار حاربوه كأبي جهل وأبي لهب وكفار الفرس والروم، واليهود، والنصارى، ومن قبلهم قوم نوح، وعاد، وثمود، وفرعون، وقد كان في تاريخ الإسلام زنادقة أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، ونقلوا عقائد الكفار وألبسوها لباس الإسلام كالحلاج، وابن الراوندي، وعبدالكريم الجيلي، وابن الفارض، والتلمساني، وابن سبعين، وعبدالعزيز الدباغ، وابن المبارك السلجماسي وغيرهم وغيرهم، ولكن احدا من هؤلاء لم يكن كابن عربي قط، ولم يبلغ شأوه ودرجته في الكفر والزندقة والمروق من الدين، فإن الكفار الاصليين واعظمهم فرعون الذي قال ((أنا ربكم الأعلى)) لم يجعل ربا للناس جميعهم الا نفسه، وقال لموسى عليه السلام: ((لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين))، واما ابن عربي فقد جعل كل موجود في الوجود هو الله، يجمع درجات الوجود وحتى الشياطين والنجاسات - تعالى الله سبحانه وتعالى عما يقول هذا الأفاك - ونستغفر الله من حكاية قول هذا المجرم الخبيث، فأين كفر فرعون من كفر هذا الخبيث، وكل الذين اشركوا بالله عبدوا معه الها او الهين او ثلاثة او مائة من الاصنام والاوثان والكواكب، واما هذا المجرم فقد جعل كل معبود عُبد هو الله لا غير، وان كل من عبد شيئا فلم يعبد الا الله، فأين كفر المشركين من كفر هذا المجرم الخبيث.
وكل الزنادقة الذين كانوا في تاريخ الاسلام اولوا بالتأويل الباطني نصا او اكثر من القرآن، وهذا الخبيث لم يترك آية في كتاب الله ولا حديثا من احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الا حملها على عقائد الكفار جميعا وعقيدة وحدة الوجود على الخصوص (انظر امثلة ذلك في ثنايا المقال).
ان كل الزنادقة الذين كذبوا على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم لم يكذبوا كما كذب هذا الافاك الذي ادعى انه يتلقى عن الله من اللوح المحفوظ بغير واسطة.
واما النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتلقى عن الله بواسطة وهو جبريل، وانه لذلك افضل من الرسول صلى الله عليه وسلم، وان محمد خاتم الانبياء صلوات الله وسلامه عليه، واما هو فخاتم الاولياء، وجعل خاتم الاولياء يعني نفسه افضل من خاتم الانبياء.
والزنادقة الذين كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد افتروا عليه في وضع بعض الاحاديث او تأويل بعض منها، واما هذا المجرم الخبيث فقد ادعى بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سلمه كتاب فصوص الحكم يدا بيد - وهو اعظم كتاب في الكفر والزندقة ظهر في الارض الى يومنا هذا.
وعامة الزنادقة الذين مروا في تاريخ الاسلام لاحقتهم اللعنة، وذاقوا حد السيف، ولكن هذا الخبيث بثعلبية ماكرة والتفاف خبيث ومظاهرة مريديه استطاع ان يفلت من القتل على الزندقة، ووجد من المجرمين من يطبل له ويزمر، ويرفعه فوق مصاف الانبياء والمرسلين، فضلا عن جميع علماء المسلمين، ولقد وجدت فيه دوائر الكفر ضالتها المنشودة لهدم الاسلام بل لهدم جميع الاديان، فنشروا تراثه لهدم تراث الاسلام، واعتنوا بكتاباته، ومن اجل ذلك كانت فتنة ابن عربي من اعظم الفتن التي مرت بالمسلمين.
ولذلك كانت المقارنة بين شيخ الاسلام ابن تيمية، رحمه الله، وابن عربي هي مقارنة بين الصديق والزنديق، بين امام من ائمة الهدى والصدق والايمان، وامام من ائمة الضلال والكذب والكفر.
اقوال اهل العلم في ابن عربي:
1 - قال العز بن عبدالسلام: "هو شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا" (سير أعلام النبلاء 23/ 48)
وقال ايضا: هو شيخ سوء كذاب، فقال له ابن دقيق العيد: وكذاب ايضا؟ قال: نعم, تذاكرنا بدمشق التزويج بالجن، فقال: هذا محال، لأن الانس جسم كثيف والجن روح لطيف، ولن يعلق الجسم الكثيف الروح اللطيف. ثم بعد قليل رأيته وبه شجة، فقال: تزوجت جنية فرزقت منها ثلاثة اولاد، فاتفق يوما اني اغضبتها فضربتني بعظم حصلت منه هذه الشجة وانصرفت فلم ارها بعد هذا'. اه. (ميزان الاعتدال 5/ 105).
2 - قال الحافظ ابن حجر: وقد كنت سألت شيخنا سراج الدين البلقيني عن ابن عربي؟ فبادر بالجواب: هو كافر. اه. (لسان الميزان 4/ 318).
3 - اما الامام الذهبي فقد قال عن كتاب 'فصوص الحكم': 'ومن اردأ تواليفه كتاب الفصوص فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر'. اه. (سير اعلام النبلاء 23/ 48).
¥