تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[19 - 08 - 06, 02:40 ص]ـ

و هذا مقال كتبه الشيخ حاي الحاي في جريدة الأنباء في عددها (10810) الموافق الجمعة 19/ 5/2006م.

حول لزوم الطواف بالبيت، و قد أكثر الاستشهاد بنصوص الفقهاء الشافعية لسبب لا يخفى على اللبيب!


تخوُّفُ النبيُّ الأمين
من الأئمة المضلين
بقلم: حاي الحاي
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون}
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيباً}
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}

أما بعد، لقد تخوّف نبينا صلى الله عليه و سلم على أمته من أمر عظيم و هو ظهور الأئمة المضلين.
و تخوّفه صلى الله عليه و سلم يدل على عظم فساد ما يبثونه من عقائد زائغة و أقوال باطلة، و بما ينشرون من علم لا ينفع و قد استعاذ النبي صلى الله عليه و سلم من علم لا ينفع كما جاء في الحديث: " اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع ".
و ما أعظمَ و أصدقَ قول عمر -رضي الله عنه- عن زياد بن حدير: قال لي عمر –رضي الله عنه-: هل تعرف ما يهدِمُ الإسلامَ؟
قال: قلت: لا.
قال: يهدمه زلة عالم، و جدال منافق، و حكم الأئمة المضلين.

و في هذه المقالة إيراد لما تيسر في تأكيد حرمة الطواف بغير البيت العتيق من كتب أئمة الشافعية، و لعل الله أن ييسر في مقال آخر إيراد أقوال غيرهم من أئمة المذاهب، إلى أنه لا يشرع الطواف إلا حول الكعبة.

1 - قال الإمام الشافعي رحمه الله "" الأم "" (2/ 179):
" و لا يجزيه أن يطوف إلا في المسجد؛ لأن المسجد موضع الطواف، فإن خرج فطاف لم يعتد بما طاف خارجاً من المسجد قلَّ أو كثر، ولو أجزت له أن يطوف خارجاً من المسجد أجزت له أن يطوف من وراء الجبال إذا لم يخرج من الحرم ".

2 - قال رحمه الله "" الأم "" (2/ 177) مؤكدًا على أنه لا يجوز له أن يطوف خارجا من المسجد:
" لم يعتد بشيء من طوافه خارجاً من المسجد، لأنه في غير موضع طواف ".

3 - قال الحليمي "" المنهاج في شعب الإيمان"" (2/ 408):عن الطواف بالبيت:
" فخصه الله بعبادتين: إحداهما: فلا يجوز إلا حوله ".

4 - و قال الرافعي رحمه الله ""العزيز شرح الوجيز انظر حاشية المجموع للنووي"" (7/ 301): " يجب ألا يوقع الطواف خارج المسجد كما يجب ألا يوقعه خارج مكة و الحرم ".
و قال الحافظ عماد الدين ابن كثير رحمه الله عن تفسير قوله تعالى: {و طهر بيتي للطائفين و القائمين و الركع السجود} قال ابن كثير عن الطواف حول البيت العتيق:
" فإنه لا يفعل ببقعةٍ من الأرض سواها "
و قال: " لأنهما لا يشرعان إلا مختصين بالبيت،فالطواف عنده و الصلاة إليه في غالب الأحوال إلا ما استثني "

5 - وقال الماوردي: " إن الطائف الذي يطوف خارج الكعبة غيرُ طائف "، و قال: " لأن هذا غير طائف بالبيت و إنما هو طائف بالمسجد "

6 - و ذهب الشافعية إلى أن من طاف وراء الحجر أو المقدار المعهود منه من البيت أو وراء شذروان الكعبة لم يتحقق طوافه، لأنه طاف في الكعبة، و هو لم يؤمر إلا أن يطوف إلا بها.
ذكر و نصّ على ذلك الإمام الشافعي و الشيرازي و البغوي و الماوردي و الرازي و الغزالي و الرافعي.

قلتُ: هذه نصوص كبار أئمة الشافعية رحمهم الله تعالى، وهو قول جلي واضح كاف شاف في تحريم الطواف بغير بيت الله الحرام.
و ما أروع كلام أئمة الشافعية رحمهم الله تعالى في بيان الصلة الوثيقة للطواف بالعبادة و أنه أخص العبادات و القربات إلى الله عز و جل.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عن الطواف: " أخص العبادات عند البيت.
و الطواف بالبيت العتيق انفرد بمزية فريدة، و هي أنه العمل الوحيد المشروع الذي شرع الإتيان به مستقلاً منفرداً ".
و قال الماوردي: " نسكٌ لا يقع إلا لله عز و جل فجاز فعله منفرداً ".
و قال الرافعي: " عبادة يتقرب بها وحدها ".

و جعل العلامة العز بن عبد السلام الطواف حول الكعبة أفضل من السعي و الرمي و الوقوف بعرفة، و سماه (الطواف المجرد) و قال:
" لأن التعظيم فيه و الإجلال أظهر و أعظم ".
و كذلك صنع و رجّح الشربيني رحمه الله الطواف على سائر أعمال المناسك لأن الطواف قربةٌ في نفسه بخلاف غيره من الأعمال.

قلتُ: و ما أجمل قول أئمة الشافعية كالرافعي و أبي محمد الجويني و النووي و الشربيني؛ إنَّ الطائف لو صرف طرفه إلى عرض آخر كطلب غريم أو نحوه فإن طوافه لا يصح و لايعدّ طائفاً.

قلتُ: لأنه طواف لم يكن لله تبارك و تعالى بل كان لقضاء وطر و حاجة، فما بالك بالذي يطوف حول قبر أو ضريح يسأله و يستغيث به فهذا شرك بالله جل و علا.
و ما أحسن قول الحليمي و هو يبين حال و صورة الطائفين حول بيته سبحانه:
" متصورين بصورة عبد لاذ بسيده و هو يقول له: أنا لك و إليك لا مذهب لي عنك و لا منقلب إلا حولك، وذاك أن الطواف إذا كان حول البيت كان الطائف لازما بالبيت لكل حال، و كلما ذهب عن وجه البيت إذا افتتح الطواف عاد إليه إذا اختتمه، فكأنه يقول: أينما ذهبت فلستُ بذاهبٍ عنك و حيثما مضيت فإني راجع إليك ".

قلتُ: و الطواف حول البيت العتيق فيه القصد لله تعالى أولاً، و فيه تعظيم الرب العظيم الشأن جل و علا، فالطواف جامع لتوقير و إجلال الرب جل و علا، و فيه خضوع العبد و استكانته و تذلله لله تعالى و هم يحفون حول بيته سبحانه.

قال الحليمي عن ذلك: " إظهار الولوع و الملازمة له كما يحفُّ العبيد بيوت ساداتهم ثم يشرع لهم ذلك القصد آداباً، و هيأ قبله أسبابًا بها يتم منهم التعظيم و يكمل الإجلال و التفخيم و يتوفر التشريف و التكريم ".
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير