تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانياً: أن البوصيري دعا النبي صلى الله عليه وسلم وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه وسأل منه هذا المَطْلَب الذي لا يُطْلَبُ إِلاَّ مِن الله.

وبعد هذا البيت قال البوصيري:

ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تجلى باسم منتقم

وهذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوهم، وهو الجاه والشفاعة عند الله قال سبحانه عنهم: (ويعبدون من دون الله ما يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) ثم قال: (سبحانه وتعالى عما يُشركون) فحال البوصيري كحال هؤلاء المشركين في استشفاعه بالنبي صلى الله عليه وسلم.

ثم قال الدكتور محمد عبدالغفار: وقال البوصيري مخاطباً النبي:

فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم

قلتُ: ومعنى البيت: يا محمد! من بعض جودك وكرمك الدنيا وضرتها وهي الآخرة، ومن بعض علمك علم اللوح والقلم وهو الذي فيه مقادير الخلق وفيه كل شيء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وفيه أهل الجنة وأهل النار بأسمائهم!!.

ولا شك عند كل عاقل مُوحّد أن هذا البيت ينضح بالكفر والشرك بالله! فإنه جعل من بعض كرم الرسول الدنيا والآخرة فإذا كان الرسول يملكهما فماذا أبقى لله جل وعلى وهو سبحانه المالك لكل شيء (له مُلْكُ السماوات والأرض) وقد قال الله له: (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله) فكيف يأتي البوصيري ومن بعده الدكتور عبدالغفار ليقولا إن الدنيا والآخرة من بعضِ كَرَمِ النبي وملكه؟!!.

وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم ما في اللوح من علوم الغيب وحوادث الخلق وأهل الجنة والنار ومصير كل شيء فبماذا اختص الله نفسه من العلم؟!! وهو القائل: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) وقال لنبيه: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب) وهو صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه شيئاً كما قال سبحانه: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء) ثم بَيَّنَ صِفَتَهُ وحاله فقال) إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) يعني: أنا بشر لا أَمْلِكُ شيئاً من خَصَائِصِ الرُّبُوبية ولا الألوهية. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يعلم كثيراً من الحوادث التي وقعت في عهده ولا يعلم أحوال كثير من الناس كما قال سبحانه: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) وخَفِيَ على الرسول صلى الله عليه وسلم أَمْر الذين قال الله فيهم (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) وخَفِيت عليه حوادث كثيرة لم يعلمها حتى نزل الوحي فكيف يقول مسلم يؤمن بالله: أن الرسول يعلم ما في اللوح من أمور الغيب!!

ولا شك أن هذا البيت شرك بالله في ربوبيته وألوهيته، وقد كَفَّر جمع من العلماء البوصيري على بردته هذه التي قال فيها هذه الأبيات، وحكموا على بعض أبياتها بأنها تشتمل على الشرك، وبعضها على انتقاص القرآن مما يطول ذكره، وانظر في هذا: ((الدر النضيد)) للإمام الشوكاني اليمني المتوفى:1250هـ ص (90)، و ((مجموعة الرسائل والمسائل النجدية)) رسالة الشيخ الإمام عبدالرحمن بن حسن المجدد الثاني (2/ 39)، و ((تيسير العزيز الحميد)) للشيخ العلامة سليمان بن عبدالله (222: 224)، و ((غاية الأماني)) للعلامة محمود شكري الألوسي العراقي ت:1342هـ (2/ 422:426)، وللشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين مفتي الديار النجدية 1282هـ رسالة بعنوان: ((الرد على البردة)) بَيَّنَ فيها ما في قصيدة البوصيري - التي يتغنى بها الدكتور - من الشركيات والمخالفات الشرعية. وغير هؤلاء العلماء تكلموا عليها والله الهادي.

ولا يُفهم من كلامي أني أكفر الدكتور محمد شريف بِعَيْنِهِ، ولكني أقول: إني الدكتور قال الكفر ودَعَا إليه على رُؤُوسِ المَلأ وغَرَّرَ الناس بِرَجُلٍ خُرَافيٍّ صوفي قبوري فيجب عليه الرجوع عن قوله والتبرؤ منه وإظهار ذلك أمام الناس كما أظهر الباطل والشرك والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.

أغلاطٌ علمية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير