تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عنيزة، ولم يدرِ ما يفعل. فأتى إليه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين [7]-

وكان قاضي بلدان القصيم - فقال له: يا هذا اتق الله، واربأ بنفسك؛ فإن البلاد

ليست لك ولا بيدك، وأمرها بيد أهلها، وليس لك فيها أمر ولا نهي، وهم يريدون

إصلاح أنفسهم مع الإمام فيصل، فإن أردت أن تكون كذلك فافعل.

ثم إن رؤساء بلد عنيزة أتوا إلى الشيخ عبد الله أبي بطين وقالوا: إن هذه

الأمور التي منا وقعت، والحوادث التي منا صدرت لا يصلحها إلا أنت، ولا يزيل

غضب الإمام فيصل غيرك.

فقال لهم: إنكم تعلمون أني لست من أهل بلدكم ولا من عشيرتكم، ولا يحسن

مني الدخول في هذا الشأن الذي أوله إلى آخره من تسويل الشيطان؛ فأعفوني

ودعوني، وأرسِلوا في هذا الأمر غيري.

فقالوا: إن هذا الأمر تعيّن عليك والصلح لا يصلح إلا على يديك، فركب

الشيخ عبد الله إلى الإمام فيصل - وهو في بلد المذنب - فأكرمه وأجابه إلى كل ما

طلب من العفو والصفح عنهم، وأعطاهم الأمان [8].

4 - لما توفي فيصل بن تركي سنة 1282هـ، وتولى الحكم من بعده ابنه

عبد الله، حصل شقاق واختلاف بين عبد الله وأخيه سعود، فوقعت حروب طاحنة،

وفتن متلاطمة بين عبد الله، وأخيه سعود.

وكان للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمهم الله - دور

ظاهر في الإصلاح، وجمع الكلمة وحفظ الدماء، ودرء الفتنة، ودفع الشر والفساد

بحسب الطاقة.

لقد أوتي الشيخ عبد اللطيف قوة وبصيرة، وحكمة وعلماً، ونصحاً وإشفاقاً

على الراعي والرعية.

وقد سطّر الشيخ عبد اللطيف رسائل كثيرة [9]- أثناء تلك الفتنة الطويلة [10]

تضمنت عرضاً شاملاً، وتحليلاً وافياً لتلك الأحداث الجسام، وموقفه من تلك

النوازل.

ونختار إحدى هذه الرسائل:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخوين المكرمين: زيد بن محمد،

وصالح بن محمد الشثري [11]، سلمهما الله - تعالى -.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد: فأحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو على نعمه، والخط وصل أوصلكم

الله إلى ما يرضيه، وما ذكرتموه كان معلومًا، وموجب تحرير هذا ما بلغني بعد

قدوم عبد الله [12] وغزوه من أهل الفرع، وما جرى لديكم من تفاصيل الخوض في

أمرنا والمراء والغيبة، وإن كان قد بلغني أولا كثير من ذلك، لكن بلغني مع من

ذكر تفاصيل ما ظننتها، فأما ما صدر في حقي من الغيبة والقدح والاعتراض

ونسبتي إلى الهوى والعصبية، فتلك أعراض انتهكت وهتكت في ذات الله أعدُّها

لديه - جل وعلا - ليوم فقري وفاقتي، وليس الكلام فيها، والقصد بيان ما أشكل

على الخواص والمنتسبين من طريقتي في هذه الفتنة العمياء الصماء، فأول ذلك

مفارقة سعود لجماعة المسلمين وخروجه على أخيه، وقد صدر منا الرد عليه

وتسفيه رأيه ونصيحة ولد عائض [13] وأمثاله من الرؤساء عن متابعته والإصغاء

إليه ونصرته، وذكرناه بما ورد من الآثار النبوية والآيات القرآنية بتحريم ما فعل

والتغليظ على من نصره، ولم نزل على ذلك إلى أن وقعت وقعة جودة [14]، فثل

عرش الولاية وانتثر نظامها، وحبس محمد بن فيصل، وخرج الإمام عبد الله

شاردًا وفارقه أقاربه وأنصاره، وعند وداعه وصيته بالاعتصام بالله وطلب النصر

منه وحده، وعدم الركون إلى الدولة الخاسرة [15].

ثم قدم علينا سعود بمن معه من العجمان والدواسر وأهل الفرع وأهل الحريق

وأهل الأفلاج وأهل الوادي ونحن في قلة وضعف وليس في بلدنا [16] من يبلغ

الأربعين مقاتلاً، فخرجت إليه وبذلت جهدي، ودافعت عن المسلمين ما استطعت

خشية استباحة البلدة، ومعه من الأشرار وفجار القرى من يحثه على ذلك ويتفوه

بتكفير بعض رؤساء أهل بلدتنا، فوقى الله شر تلك الفتنة ولطف بنا، ودخلها بعد

صلح وعقد، وما جرى من المظالم والنكث دون ما كنا نتوقع [17]، وليس الكلام

بصدده وإنما الكلام في بيان ما نراه ونعتقده، وصارت له ولاية بالغلبة والقهر تنفذ

بها أحكامه، وتجب طاعته في المعروف كما عليه كافة أهل العلم على تقادم

الأعصار ومر الدهور، وما قيل من تكفيره لم يثبت لديّ، فسرت على آثار أهل

العلم، واقتديت بهم في الطاعة في المعروف وترك الفتنة وما توجب من الفساد على

الدين والدنيا، والله يعلم أني بار راشد في ذلك، ومن أشكل عليه شيء من ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير