تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"وأود أن أقول: إنه في إطار الدولة الواحدة والعهد الواحد يجوز للمسلم كما يجوز للمسيحي أن يبدل دينه .. أما الردة الفكرية البحتة التي لا تستصحب ثورة على الجماعة ولا انضماماً إلى الصف الذي يقاتل الجماعة كما كان يحدث عندما ورد الحديث المشهور عن الرسول r، فليس بذلك بأس يذكر، ولقد كان الناس يؤمنون ويكفرون، ثم يؤمنون ويكفرون، ولم يطبق عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم حد الردة"، ولهذا لما سئل الترابي عن فتوى ردة (سلمان رشدي) صاحب كتاب (آيات شيطانية) قال الترابي: (هذه الفتوى لا تمثل أكثر من رأي فقهي) صحيفة الأنباء بتاريخ24/ 1/1998م. ويقول منكرا حد الردة، بإفك وكذب: ((أولا: لم يأمر النبي مطلقا بقتل أي شخص ارتد عن الإسلام، ثانيا: هناك حديث واحد فقط يخرج عن بقية السياق يقول: (من بدل دينه فاقتلوه).)) صحيفة الأنباء بتاريخ24/ 1/1998م.

ويسأل بعدها في ذات الصحيفة: إذا قامت دولة إسلامية أو جماعة من المسلمين بقتل مرتد، هل هذا حلال ومباح في نظر الإسلام؟ فأجاب:" هذا ليس عدلا "! بل شنع أكثر من هذا فقال:"هذا السلوك يعود بنا إلى أوروبا في القرون الوسطى"! وفي إشارة منه على عدم احترامه للمصادر الشرعية يقول: " .. وهذه لا تحتاج إلى الرجوع إلى قول فلان ورد فلان على فلان. حرية العقيدة أصل من أصول القرآن، لكن أكثر المسلمين انقطعوا عن أصولهم تماماً، وبدءوا يأخذون عمن أخذ عمن أخذ عمن أخذ من الأصول!! وهذه واحدة من ظواهر التخلف عن دواعي الدين ".

إن الترابي بأقواله في الردة عن الإسلام قد ارتكب جرمين:

أحدهما: إباحته الردة عن الإسلام، وهذا صريح في قوله " وأنا لا أقول إنه ارتد أو لم يرتد فله حريته " وقوله: " يجوز للمسلم كما يجوز للمسيحي أن يبدل دينه " وهذا فيه استباحة لما ثبت في القرآن حرمته، قال تعالى:} وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {[البقرة:217 [يقول ابن قدامة رحمه الله: "ومن اعتقد حِلَّ شيءٍ أُجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه، كفر".

وجرمه الثاني: إنكاره لحد الردة في الإسلام، ووصفه ذلك بالظلم وعدم العدل،مع أن الأدلة على قتل وقتال المرتد كثيرة:

منها آية البقرة آنفة الذكر وقد استدل بها الشافعي وغيره، ومنها ما رواه الجماعة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" وما رواه أحمد والنسائي عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا من ثلاثة: إلا من زنا بعد ما أحصن، أو كفر بعد ما أسلم، أو قتل نفساً فقتل بها" وروى مسلم معناه.

وبعد كل هذه النصوص يدعي الترابي بأن الردة ليس فيها إلا حديث واحد، وهذا غاية في الكذب والافتراء والغش للأمة، ولكن ما ظنك بامرئ الصدقُ محمودٌ إلا منه. يقول ابن قدامة رحمه الله: "وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين، وروي ذلك عن أبي بكر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد رضي الله عنهم، وغيرهم، ولم يُنْكَرْ ذلك، فكافر إجماعاً" هذا ولا يصح احتجاجه بالآية الكريمة}:لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ {[البقرة: 256]. على عدم قتل المرتد، لأن الآية تتحدث عن موقف المسلمين من الكافر الأصلي، والمرتد مسلم فارق الجماعة، ومما يبين ذلك: سبب نزول هذه الآية: وهو أنه لما أجلي بنو النضير -وكان فيهم من تهود من أبناء الأنصار- قالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله "لا إكراه في الدين" رواه أبو داود والنسائي.

ومعنى الآية: أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في الإسلام، فإنه بيّن واضح، جلية دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه. (ابن كثير في تفسيره).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير