تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهل قال أحد: أن الإجماع قد ثبت على استحباب طاعة معينة أو ذكر معين بدون نص من قرآن أو سنة؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

إشكال:

- فإن قال قائل: ماذا نفعل أمام الإجماع الذي يُثْبِتُ لله اٍما اسما أو صفة , بدون وجود نص بذلك؟

- نقول وبالله تعالى التوفيق والهدى:

هناك أمور ينبغي مراعاتها أمام مثل هذه الإجماعات والتي تثبت اسما أو صفة لله بدون دليل من قرآن أو سنة:

1.يجب إثبات أن هذا إٌجماع ثابت عن السلف أئمة الدين من الصحابة والتابعين ولم يخالف في ذلك أحد منهم , ولكنني وحتى الآن لم أجد نصا عن الصحابة وأئمة الدين بإثباتهم اسما أو صفة لله خارج الكتاب والسنة , بل هم مُجْمِعون على التوقف في إثبات ذلك على الكتاب والسنة كما نقلنا.

2.لن تجد قولا يثبت اسما أو صفة لله بدون نص من قرآن أو سنة إلا وهو عليه استدراكات واختلاف.

3.ما ثبت عن بعض العلماء من إثبات اسما أو صفة لله بالإجماع , أو رأي لأحد العلماء في ذلك فهو محجوج بإجماع السلف في التوقف على الكتاب والسنة , كما أنه لا تجد اتفاقا في ذلك بل تجد اختلافا.

4.غاية ما في ذلك هو أن ذلك من باب الإخبار عن الله لا من باب الاسم أو الصفة.

وإليك مثالا لذلك حتى لا يكون كلاما نظريا:

فإن قال قائل: ثبت إجماع ينقض هذا الكلام من أصله والإجماع عند المسلمين حجة

فقد جاء في كتاب الإقناع في مسائل الإجماع لابن قطان الفاسي طـ دار الفاروق الحديثة:

قال المصنف صـ 37:

فأما ما أجمعوا عليه أنه من صفات الذات فنحو وصفنا له بأنه قديم. وعزاه المحقق إلى كتاب الاستذكار لابن عبدالبر 8/ 151 رقم 10840.

قال المصنف صـ 39:

فإن قيل: فهل ورد لفظ التوقيف بأنه - سبحانه - موجود في الكتاب أو السنة؟ قيل هو إجماع الأمة وإجماع الأمة إحدى الطرق في اثبات أسمائه.

- نقول وبالله تعالى العصمة من الزلل والتوفيق إلى الرشد:

1. راجعت ما عزاه المحقق إلى مصدر هذا الإجماع من كتاب الاستذكار فلم أجده.

2.يجب اثبات أن هذا الإجماع غير منتقض وثابت عن السلف حتى نُسَّلِم لذلك.

3.هذا الإجماع منتقض فقد اختلف فيها العلماء في كون القديم يثبت لله أم لا.

قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية 1/ 79 / 80 طـ مؤسسة الرسالة:

وقد أدخل المتكلمون في أسماء الله تعالى القديم وليس هو من الأسماء الحسنى فإن القديم في لغة العرب التي نزل بها القران: هو المتقدم على غيره فيقال: هذا قديم للعتيق وهذا حديث للجديد ولم يستعملوا هذا الإسم إلا في المتقدم على غيره لا فيما [لم] يسبقه عدم كما قال تعالى: {حتى عاد كالعرجون القديم} والعرجون القديم: الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني فإذا وجد الجديد قيل للأول: قديم وقال تعالى: {وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} أي متقدم في الزمان وقال تعالى: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون} فالأقدم مبالغة في القديم ومنه: القول القديم والجديد للشافعي رحمه الله تعالى وقال تعالى: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار} أي يتقدمهم ويستعمل منه الفعل لازما ومتعديا كما يقال: أخذت ما قدم وما حدث ويقال: هذا قدم هذا وهو يقدمه ومنه سميت القدم قدما لأنها تقدم بقية بدن الإنسان وأما إدخال القديم في أسماء الله تعالى فهو مشهور عند أكثر أهل الكلام وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف منهم ابن حزم ولا ريب أنه إذا كان مستعملا في نفس التقدم فإن ما تقدم على الحوادث كلها فهو أحق بالتقدم من غيره لكن أسماء الله تعالى هي الأسماء الحسنى التي تدل [على] خصوص ما يمدح به والتقدم في اللغة مطلق لا يختص بالتقدم على الحوادث كلها فلا يكون من الأسماء الحسنى وجاء الشرع بإسمه الأول وهو أحسن من القديم لأنه يشعر بأن ما بعده آيل إليه وتابع له بخلاف القديم والله تعالى له الأسماء الحسنى لا الحسنة.

4.أننا لا نسلم بأن مذهب السلف هو اثبات الاسم لله أو الصفة خارج الكتاب والسنة بل مذهبهم المنقول عنهم التقيد بالكتاب والسنة في هذا الباب خاصة.

قال ابن بطال (فتح الباري 13/ 567): أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يوصف بأنه شخص لأن التوقيف لم يرد به.

وإن كان في هذه القاعدة التي ذكرها ابن قطان الفاسي خلاف , فهذا الإجماع لا يُسَّلَم به , وهذا هو المطلوب , وكما تعلمنا أن نرد الخلاف إلى الكتاب والسنة ولم يرد لفظ القديم اسما أو وصفا لله إلا مقيدا بسلطانه القديم.

5.إن سلمنا بصحة هذا الإجماع وثبوته وعدم انتقاضه , فتوجيهه أنه يخبر به عن الله بأنه قديم كما ورد عن بعض علماء السلف , لا أن ذلك من باب اثبات الصفات التي يترتب عليها عبوديات لله , والتي يلزم فيها ورود النص بذلك لهذه العلة والله تعالى أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

خلاصة هذا المبحث:

1.التفصيل في إطلاق القول بأن الإجماع مصدر من مصادر اثبات أمرا من أمور العقيدة حيث يستثنى من ذلك الأمور الغيبية التي لا بد فيها من نص من قرآن أو سنة.

2.الإجماع غير معتبر في إثبات أي أمر من الأمور الغيبية في مسائل الإعتقاد بدون نص من كتاب أو سنة.

3.الحكم على صحة الخلاف في مسألة من مسائل الإعتقاد الذي يتوقف على العلم فيها على القرآن والسنة - مسألة غيبية - وأن أحد الأقوال فيه قائم على وجود إجماع دون وجود نص من قرآن ولا سنة فيها.

4.توجيه ما ثبت عن بعض العلماء من دعوى الإجماع في إثبات اسما لله أو صفة أنه من باب الخبر عن الله.

هذا ما توصلت إليه في هذه المسألة في مسألة الإجماع في باب الإعتقاد فمن كان لديه تعليقا إو إفادة فأرجو أن تتم المراسلة على البريد الإلكتروني التالي: [email protected] حيث أن خاصية التسجيل معطلة بالملتقى.

ووالله ما كان فيها من صواب فمن الله وحده بفضله وجوده وإحسانه وكرمه , وما كان فيها من خطأ فمني ومن الشيطان.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات , وصلى الله على رسوله النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الملف في المرفقات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير