وقد ضربوا لتصحيح زندقتهم مثالا مكروا فيه بمن لم ترسخ قدمه في الإسلام ولا خالط أنفاس النبوة حتى صار يدفع الشبه حاصل ذلك المثال أنهم يصلون إلى الله بغير واسطة المبعوث بالشرع فتم لهم المكر وتبعهم في ذلك أكثر الرعاع ولم يبالوا بخرق الإجماع وذلك المثال أن ملكا أقام على بابه سيافا وقال له من دخل بغير إذنك فاقتله وقال لغيره أذنت لك في الدخول متى شئت فإذا دخل الغير فقد أصاب وإن قتله السياف فقد أصاب وعنوا بالسياف الشارع فما أفادهم مثالهم مع زندقتهم به شيئا.
فإنهم اعترفوا فيه بإباحة دمائهم وهو قصد أهل الشريعة ومن يعتقد أن لأحد من الخلق طريقا إلى الله من غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر من أولياء الشيطان بالإجماع فإن رسالته صلى الله عليه وسلم عامة ودعوته شاملة
احتجاج الصوفية بقصة الخضر
ولا حجة لهم في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام للفرق بخصوص تلك الرسالة مع أن الخبر بعلم الخضر جاء من الله تعالى إلى موسى عليه السلام فأين هي من دعاويهم ولا شبهة عليها فضلا عن دليل بل هي مصادمة للقواطع ومن صادم القواطع انقطعت عنقه ولو بلغ في الزهد والعبادة أقصى الغايات 88: 42 وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية الآيات ولو وقعت منهم الخوارق فإنها شيطانية قال الله تعالى 43: 36 ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين 6: 121 وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون
القول في صرف الكلام عن ظاهره
وسميت هذه الأوراق تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي وإن شئت فسمها النصوص من كفر 4 الفصوص لأني لم أستشهد على كفره وقبيح أمره إلا بما لا ينفع معه التأويل من كلامه فإنه ليس كل كلام يقبل تأويله وصرفه عن ظاهره ,وذلك يرجع إلى قاعدة الإقرار بشيء وتعقيبه بما يرفع شيئا ما من معناه ولا خلاف عند الشافعية في أنه إن كان مفصولا لا يقبل وأما إذا كان موصولا ففيه خلاف.
ومن صورة ما لا ينفع فيه الصرف عن الظاهر
كما لو أقر ببيع أو هبة ثم قال كان ذلك فاسدا فأقررت بظني الصحة فإنه لا يصدق في ذلك
حكم من ينطق بكلمة ردة
ونقل الشيخ سراج الدين بن الملقن في العمدة على المنهاج والزركشي في التكملة عن إمام الحرمين أنه قال في أوائل الإيمان قال الأصوليون لو نطق بكلمة الردة وزعم أنه أضمر تورية كفر ظاهرا وباطنا قال الإمام الغزالي في البسيط بعد حكايته أيضا عن الأصوليين لحصول التهاون منه وهذا المعنى يعني التهاون لا يتحقق في الطلاق فاحتمل قبول التأويل بإطلاقه
وسيأتي ما يشهد لذلك من نقل شيخ الإسلام الشيخ زين الدين العراقي عن العلامة علاء الدين القونوي محسنا له على أن بعض العلماء غلب جانب الحرمة لله ولرسله فمنع التأويل مطلقا قال القاضي أبو الفضل عياض المالكي في كتابه الشفاء وهو الذي تلقته الأمة بالقبول وتدارسوه في الارتحال والحلول في القسم الرابع منه فصل الوجه الرابع أن يأتي من الكلام بمجمل ويلفظ من القول بمشكل يمكن حمله على النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره أو يتردد في المراد به من سلامته من المكروه أو شره فههنا متردد النظر وحيرة العبر ومظنة اختلاف المجتهدين ووقفة استبراء المقلدين 8: 43 {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حى عن بينة} فمنهم من غلب حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وحمى حمى عرضه فجسر على القتل ومنهم من عظم حرمة الدم
بيان ما هو من المقالات كفر
وقال في فصل بيان ما هو من المقالات كفر كل مقالة صرحت بنفي الربوبية أو الوحدانية أو عبادة أحد غير الله أو مع الله فهي كفر كمقالة الدهرية وسائر فرق أصحاب الإثنين من الديصانية والمنانية وأشباههم من الصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا بعبادة الأوثان أو الملائكة أو الشياطين أو الشمس أو النجوم أو النار أو أحد غير الله ثم قال وكذلك من أقر بالوحدانية وصحة النبوة ونبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ولكن جوز على الأنبياء الكذب فيما أتوا به ادعى في ذلك المصلحة بزعمه أو لم يدعها فهو كافر بإجماع كالمتفلسفين وبعض الباطنية والروافض وغلاة المتصوفة وأصحاب الإباحة فإن هؤلاء زعموا أن ظواهر الشريعة 5 وأكثر ما جاءت به الرسل من الأخبار عما كان ويكون من أمور الآخرة والحشر والقيامة والجنة والنار ليس منها شيء على مقتضى لفظها ومفهوم خطابها وإنما
¥