[تفسير سورة القصص-لفضيلة الشيخ مصطفى العدوى]
ـ[احمد محمد رضا]ــــــــ[07 - 12 - 06, 10:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد:
فبين أيدينا سورة من أجمل السور، تحمل قصة من أجمل القصص، ألا وهي: " سورة القصص " تحمل قصة من خير ما يُذكر به ويعتبر، ألا وهي: قصة نبي الله موسى عليه صلاة الله وسلامه وعلى نبينا محمد وآله وصحبه.
- نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، ذلكم النبي الحيي، والرسول الوفي الكليم الكريم، الصابر الأمين!
- رسولٌ من أولي العزم من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
- رسولٌ كلمه الله تكليمًا، وامتن عليه امتنانًا!
- رسولٌ ألقى الله عليه محبة منه، واصطنعه لنفسه، وليُصنع على عينه.
- نبيٌ كريمٌ مخلصٌ، ممن أنعم الله عليهم من النبيين، ممن هداهم الله واجتباهم.
- نبيٌ وجيه في الدنيا والآخرة.
أمرنا الله بالاقتداء به، فذكره الله فيمن قال فيهم: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) {الأنعام: 90}.
أشبهت سيرته وحياته في كثير من مرحلها سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وابتُلي بابتلاءات من جنس تلك الابتلاءات التي ابتُلي بها النبي صلى الله عليه وسلم.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم، يتسلى بسيرته ويتصبر فقد كان صلوات الله وسلامه عليه يقول إذا أوذي: " يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر " (1).
- نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيرة موسى وقصته وأمره في مكة كما نزل في المدينة أيضًا.
تعددت السور والآيات التي تحمل الحديث عن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام.
- وكما سلف، فإن ذلك لأن سيرته في الجملة أشبهت سيرة رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم.
- ولذلك فإن طوائف الجن لما سمعوا القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لقومهم: (يا قومنا إنا سمعنا كتابًا أُنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم) [الأحقاف 30].
مع أن القرآن نزل من بعد عيسى عليه السلام أيضًا، وعيسى أقرب لرسول الله النبي صلى الله عليه وسلم من موسى في التأريخ.
وكذلك قال ورقة بن نوفل لرسول الله النبي صلى الله عليه وسلم -لما قص النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى-: " هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى عليه السلام " (2)
وذلك كما ذكرنا لمشابهة أوضاع النبي صلى الله عليه وسلم لأوضاع نبي الله موسى، وأحواله لأحواله.
فابتلاءات وصعاب، واختبارات ومشاق منذ الطفولة وحتى الممات، ولكن في كل الأحوال: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح:5 - 6].
ولكن في كل الأحوال: (النصر مع الصبر والفرج مع القرب).
- وُلِد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يتيمًا مات أبوه لم يره.
ونبي الله موسى عليه السلام منذ أن حملت به أمه وهي في هموم وغموم وخوف وقلق من بطش الفراعنة به، ومن شفار الذبَّاحين الذين كُلفوا من فرعون وآله بذبح أبناء الإسرائيليين، ولكن حفظ الله موسى عليه الصلاة والسلام، بل وتربى موسى في بيت الفراعنة.
- وكذلك قيض الله لنبينا محمد النبي صلى الله عليه وسلم من يرعاه ويحفظه بإذن الله ويدافع عنه، وهو عمه أبو طالب الذي عاش كافرًا ومات كافرًا أيضًا.
- وكذلك قيض الله لموسى عليه السلام من يقوم بخدمته ويضمه إلى بيته، وهو فرعون، أكبر طاغية عُرِف في التاريخ.
- ابتُلي النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد البعثة بعتاة وطغاة وفجرة وأشرار، كأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف، ووصفوا النبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم بالسحر والكهانة والشعر والكذب والافتراء.
وكذلك ابتُلي نبي الله موسى بهؤلاء الأشرار المفسدين كفرعون وهامان وقارون فقالوا عنه: ساحر، كذاب!!
وهكذا يُبتلى أهل الإيمان بمن يكذب عليهم ويفتري، ويبغي عليهم ويتطاول، وينال من عرضهم، ويقذف بالغيب من مكان بعيد.
ولكن ماذا بعد هذا؟ وماذا مع هذا؟ دائمًا (وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طه:132].
فنبذ فرعون وجنوده في اليم، وأُلقي أبو جهل ومن معه بعد قتلهم في قليب خبيث -وهو قليب بدر- وهم جيف نتنة.
¥