ثم قال ابن عربي في الفص الإدريسي أيضا وما ظهر حكم العدد إلا بالمعدود والمعدود منه عدم ومنه وجود فقد يعدم الشيء من حيث الحس وهو موجود من حيث العقل فلا بد من عدد ومن معدود ولا بد من واحد ينشئ ذلك فينشأ بسببه فإن كل مرتبة من العدد حقيقة واحدة كالتسعة مثلا والعشرة [إلى أدنى وإلى أكثر إلى غير نهاية] ما هي مجموع ولا ينفك عنها اسم جمع الآحاد
ثم قال ومن عرف ما قررناه في الأعداد وأن نفيها عين إثباتها
علم أن الحق المنزه هو الخلق المشبه وإن كان قد تميز الخلق من الخالق فالأمر الخالق المخلوق والأمر المخلوق الخالق كل ذلك من عين واحدة [لا] بل هو
العين الواحدة وهو العيون الكثيرة
الطبيعة هي الله عند الصوفية
ثم قال وخلق منها زوجها [فما نكح سوى نفسه فمنه الصاحبة والولد والأمر واحد في العدد] فمن الطبيعة ومن الظاهر منها وما رأيناها نقصت بما ظهر منها ولا زادت بعدم ما ظهر وما الذي ظهر غيرها وما هي عين ما ظهر لاختلاف الصور بالحكم عليها فهذا بارد يابس وهذا حار يابس فجمع باليبس وأبان بغير ذلك والجامع الطبيعة [لا] بل العين الطبيعة فعالم الطبيعة صور في مرآة واحدة لا
بل صورة واحدة في [مرايا] مختلفة فما ثم إلا حيرة لتفرق النظر ومن عرف ما قلناه لم يحر وإن كان في مزيد علم فليس إلا من حكم المحل والمحل عين العين الثابتة فيها يتنوع الحق في
المجلى فتتنوع الأحكام عليه فيقبل كل حكم وما يحكم عليه إلا عين ما تجلى فيه وما ثم إلا هذا شعر
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فادكروا
من يدر ما قال لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع وفرق فإن العين واحدة ... وهي الكثيرة لا تبقى ولا تذر
دين ابن الفارض
قلت وهذا مراد ابن الفارض بقوله
وجل في فنون الاتحاد ولا تحد ... إلى فئة في غيره العمر أفنت
فواحده الجم الغفير ومن عداه ... شرذمة في غيره العمر أفنت
فمت بمعناه وعش فيه أو فمت ... معناه واتبع أمة فيه أمت
فأنت بهذا المجد أجدر من أخي اجتهاد ... مجد عن رجاء وخيفة
فألغ الكنى عني ولا تلغ ألكنا ... بها فهي من آثار صيغة صنعتي
وأي بلاد الله حلت بها فما ... أراها وفي عيني حلت غير مكة
وأي مكان ضمها حرم كذا ... أرى كل دار أوطنت دار هجرة
وما سكنته فهو بيت مقدس ... بقرة عيني فيه أحشاي قرت
ومسجدي الأقصى مساحب بردها ... وطيبي ثرى أرض عليها تمشت
وشكري لي والبر مني واصل ... إلي ونفسي باتحادي استبدت
وثم أمور تم لي كشف سترها ... بصحو مفيق عن سواي تغطت
بها لم يبح من لم يبح دمه ... وفي الإشارة معنى ما العبارة حدت
وقلبي بيت فيه أسكن دونه ... ظهور صفاتي عنه من حجبيتي
ومنها يميني في ركن مقبل ... ومن قبلتي للحكم في في قبلتي
وحولي بالمعنى طوافي حقيقة ... 17 وسعيي لوجهي من صفائي لمروتي
وفي حرم من باطني أمن ظاهري ... ومن حوله يخشى تخطف جيرتي
وشفع وجودي في شهودي ظل في اتحادي وترا في تيقظ غفوتي
ولم أله باللاهوت عن حكم مظهري ... ولم أنس بالناسوت مظهر حكمتي
وقد جاءني مني رسول عليه ما ... عنت عزيز بي حريص لرأفة
ومن عهد عهدي قبل عصر عناصري ... إلى دار بعث قبل إنذار بعثة
إلي رسولا كنت مني مرسلا ... وذاتي بآياتي علي استدلت
العبد عين الرب عند الصوفية
ثم قال في فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية والعبد من كان عند ربه مرضيا وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقى عليه ربوبيته فهو عنده مرضي فهو سعيد ثم قال شعر
فأنت عبد وأنت رب ... لمن له فيه أنت عبد
وأنت رب وأنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد
فرضى الله عن عبيده فهم مرضيون ورضوا عنه فهو مرضي فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين حقيقة لا يجتمعان إذ لا يتميزان وما ثم إلا متميز فما ثم مثل فما في الوجود مثل فما في الوجود ضد فإن الوجود حقيقة واحدة والشئ لا يضاد نفسه
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول وما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
النار عين الجنة عند الصوفية
¥