قال يحتمل أن يكون إضافة الشريعة من الناظم إلى نفسه بلسان الجمع والترجمانية ويريد بقوله فرد سبيلي ما أريد به في قوله تعالى 12: 108 قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة وبقوله شريعتي شريعة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال
فمنبع صدا من شراب نقيعه ... لدي فدعني من سراب بقيعة
صدا ماء للعرب يضرب المثل به لعذوبته والنقيع البئر الكثيرة الماء يقول معللا البيت السابق الذي حاصله أمره باتباع شريعته والورود في سبيل هداه وطريقته ونهى عن متابعة غيره ممن يدعي التحقيق في العلم والمعرفة الحقيقية نحو علماء الظاهر من الأصوليين والفلاسفة أن المورد العذب الهنئ النافع عندي ويختص بمشربي وهو المفهوم المطابق من الكتاب والسنة وإشاراتهما الغامضة بلا تأويل عقلي وتقليد بل على ما هو الأمر عليه فإن استطعت أن تخوص فيه وتشرب منه وإلا فدعني من سراب علوم علماء الظاهر وتأويلاتهم ومفهوماتهم التي ظاهرها لأجل الفصاحة وتركيب الدلائل تظهر وتغر السامع الغر فيحسبها شيئا نافعا له فإذا فتش عن حقيقتها لم يجد شيئا ولا تحقيق ولا معرفة فيها ولا طائل تحتها وكذلك دلائل الفلسفة في المسائل الإلهية تغر ولا تقر ولا تذكر عندي مذاهبهم ومقالاتهم ودلائلهم ولا تلتفت إلى ذلك تفز فوزا عظيما
هكذا كلام الفرغاني الذي يثنى ابن بنت ابن الفارض في مقدمة 21 الديوان عليه وشهد له أنه على نفس جده وهكذا يفعل في كل الأبيات مهما وجد شيئا من المتشابه في الكتاب أو السنة أجراه على ظاهره وجعله حجة في
الاتحاد واستحسان الأفعال القبيحة من المكلفين فإن عجز بكون الشرع نص على قباحتها يقول إن فيها حسنا وقبحا من بعض الوجوه ولعل ذلك الوجه يقود أصحاب تلك المقالة إلى الخير ويسعى كل السعي في إسقاط الإنكار على أحد في فعل من الأفعال وكذا نقل البدر بن الأهدل عن شرحها للأبزاري وغيره والله المستعان
تكذيب صريح للقرآن
وقال في فص حكمة أحدية في كلمة هودية 11: 56 وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فكل ماش [فعلى] صراط الرب المستقيم فهم غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون فكما كان الضلال عارضا فكذلك الغضب الإلهي عارض والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شئ
إفك على الله
ثم قال اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة فإن الله تعالى يقول كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها فذكر أن هويته [هي] عين الجوارح التي هي عين العبد فالهوية واحدة والجوارح مختلفة ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع
قلت وعلى هذا الضلال عول ابن الفارض فقال
وجاء حديث في اتحادي ثابت ... روايته في النقل غير ضعيفة
مشيرا بحب الحق بعد تقرب ... إليه بنقل أو أداء فريضة
وموضع تنبيه الإشارة ظاهر ... بكنت له سمعا كنور الظهيرة
فكلي لكلي طالب متوجه ... وبعضي لبعضي جاذب بالأعنة
ومني بدالي ما علي لبسته ... وعني البوادي بي إلي أعيدت
وفي شهدت الساجدين لمظهري ... فحققت أني كنت آدم سجدتي
تعانقت الأطراف عندي4 وانطوى ... بساط السوى عدلا بحكم السوية
وليس ألست الأمس غيرا لمن غدا ... وجنحي غدا صبحى ويومي ليلتي
وسر بلى لله مرآة كشفها ... وإثبات معنى الجمع نفي المعية
ظهور صفاتي عن أسامي جوارحي ... مجازا بها للحكم نفسي تسمت
رقوم علوم في ستور هياكل ... على ما وراء الحس في النفس ورت
وأسماء ذاتي عن صفات جوانحي ... جوازا الأسرار بها الروح سرت
مظاهر لي بدوت فيها ولم أكن ... علي بخاف قبل موطن برزني 22
ولما شعبت الصدع والتامت فطور ... شمل بفرق الوصف غير مشتت
تحققت أنا في الحقيقة واحد ... وأثبت صحو الجمع محو التشتت
وإني وإن كنت ابن آدم صورة ... فلي فيه معنى شاهد بأبوتي
تمجيد الصوفية للمجرمين
ثم قال في الفص الهودي أيضا فنسوق المجرمين وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم [بها] فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم وهي عين الأهواء التي كانوا عليها إلى جهنم
¥