بالحد وقوله 43: 11 ليس كمثله شئ حد أيضا إن أخذنا الكاف زائدة لغير الصفة ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود فالإطلاق عن التقييد تقييد والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه وإن أخذنا ليس كمثله شيء على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها فهو محدود بحد كل محدود فما يحد شئ إلا وهو حد الحق فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود فهو عين الوجود فهو على كل [شئ] حفيظ ولا يؤوده حفظ شئ فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشئ غير صورته 24 ولا يصح إلا هذا فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود فالعالم صورته وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير هذا لفظه هنا وتقدم في الفص الآدمي أن العالم يعبر عنه في اصطلاحهم بالإنسان الكبير فراجعه تعرف صراحة كفر الخبيث
الكون هو رب الصوفية
ثم قال فقل في الكون ما شئت إن شئت قلت هو الخلق وإن شئت [قلت] هو الحق وإن شئت قلت هو الحق الخلق وإن شئت قلت
لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب ولولا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه
فلا تنظر العين إلا إليه ... ولا يقع الحكم إلا عليه
ثم قال وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها [فإذا تجلى له الحق فيها عرفه وأقر به وإن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه] فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه فالإله في الاعتقادات بالجعل فما رأوا إلا نفوسهم وما جعلوا فيها
لم يقول الصوفية بوحدة الأديان
فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه فكن في نفسك هيولي لصور المعتقدات
كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم [من] أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول 2: 115 فأينما تولوا فثم وجه الله
ثم قال فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة وما ثم إلا الاعتقادات فالكل مصيب وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عنه وإن شقى زمانا ما في الدار الآخرة فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء وأهل حق في الحياة الدنيا
الوحدة عند ابن الفارض
وإلى هذه الجهالة والضلالة رمز ابن الفارض في هذه المقالة
فلا تك مفتونا بحسك معجبا ... بنفسك موقوفا على لبس غرة
وفارق ضلال الفرق فالجمع منتج ... هدى فرقة بالاتحاد تحدت
وصرح بإطلاق الجمال ولا تقل ... بتقييده ميلا لزخرف زينة
فكل مليح حسنه من جمالها ... معار له أو حسن كل مليحة
بها قيس لبنى هام بل كل عاشق ... كمجنون ليلى أو كثير عزة
فكل صبا منهم إلى وصف لبسها ... لصورة حسن لاح في حسن صورة
وما ذاك إلا أن بدت بمظاهر ... فظنوا سواها وهي فيها تجلت
بدت باحتجاب واختفت بمظاهر ... على صبغ التلوين في كل برزة
ففي النشأة الأولى تراءت لآدم ... بمظهر حوا قبل حكم الأمومة
فهام بها كيما يصير بها أبا ... ويظهر بالزوجين حكم البنوة
وما برحت تبدو وتخفى لعلة ... على حسب الأوقات في كل حقبة
وتظهر للعشاق في كل مظهر ... من اللبس في أشكال حسن بديعة
ففي مرة لبنى وأخرى بثينة ... 25 وآونة تدعى بعزة عزت
ولسن سواها لا ولا كن غيرها ... وما إن لها في حسنها من شريكة
كذاك بحكم الاتحاد بحسنها ... كمالي بدت في غيرها وتزيت
بدوت لها في كل صب متيم ... بأي بديع حسنة وبأيت
وليسوا بغيري في الهوى لتقدم ... علي لسبق في الليالي القديمة
وما القوم غيري في هواها وإنما ... ظهرت [لهم] للبس في كل هيئة
ففي مرة قيسا وأخرى كثيرا ... وآونة أبدو جميل بثينة
تجليت فيهم ظاهرا واحتجبت باطنا ... بهم فاعجب لكشف بسترة
أسام بها كنت المسمي حقيقة ... وكنت لي البادي بنفس تخفت
وما زلت إياها وإياي لم تزل ... ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت
وليس معي في الكون شئ سواي ... والمعية لم تخطر على ألمعيتي
الكثرة عين الوحدة
¥