ثم قال ابن عربي في فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية وإن اختلفت حقائقها وكثرت أنها عين واحدة فهذه كثرة معقولة في واحد العين فيكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة كما أن الهيولي تؤخذ في حد كل صورة [وهي] مع كثرة الصور [واختلافها] ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورة خلقه بل هو عين هويته وحقيقته
قلت وإلى هذا المحال أشار ابن الفارض فقال
رجعت لأعمال العبادة عادة ... وأعددت أحوال الإرادة عدتي
وعد جملة من أفعال البر في أبيات ثم قال
ودققت فكري في الحلال تورعا ... وراعيت في إصلاح قوتي وقوتي
متى حلت عن قولي أنا هي أو أقل ... وحاشا لمثلي أنها في حلت
وهذا مثل ما يقال خاب فلان وخسر وكان مثل إبليس إن كان منه كذا فعل العبد عين
فعل الرب عند الصوفية
وقال ابن عربي في فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
فإنا أعبد حقا ... وإن الله مولانا
وإنا عينه فاعلم ... إذا ما قلت إنسانا
فلا تحجب بإنسان ... فقد أعطاك برهانا
فكن حقا وكن خلقا ... تكن بالله رحمانا
وقال في فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية والعمل مقسم على ثمانية
أعضاء من الإنسان وقد أخبر الحق تعالى أنه هوية كل عضو منها فلم يكن العامل غير الحق والصورة للعبد والهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر
ما الخلق
ثم قال فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه فما خرجت الرحمة عنه فعلى من 26 امتن وما ثم إلا
هو إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين
زعمه أن التفاضل لا يستلزم التغاير
ثم قال فكل جزء من العالم أي هو قابل لحقائق متفرقات العالم كله فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو وتكون في عمرو أكمل [وأعلم منه في زيد] كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر وهو هو ليس غيره فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله
هنا وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال ليس كمثله شيء فنفى وهو السميع البصير فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير
من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس وظهر في الآخرة لكل الناس فإنها الدار الحيوان وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم فمن عم إدراكه كان الحق أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها [هي] الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله
الضال مهتد والكافر مؤمن
ثم قال نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده وتستحيل مفارقتنا إياه فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح فإنه قال 57: 4 وهو معكم أينما كنتم ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم
ثم قال في فص حكمة وجودية في كلمة داودية 21: 22 لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وإن اتفقنا فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله ومن هنا تعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة
لن يعذب كافر عند الصوفية
¥