إلياس عليه السلام بعثت الرسل كلها لأن الملل كلها وما جاءت به الرسل لم يختلفوا في التوحيد والإقرار به وقد نزه الله تعالى نفسه عن الشبه بقوله تعالى ليس كمثله شيء وليت شعري ما الفائدة لبعثة الرسل إذا كان من عبد شيئا من المخلوقات عابدا لله تعالى وليت شعري ماذا يقول هذا القائل في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في نهيهم عن عبادة الأوثان وكسرها هل يقول كانوا بعبادتها مصيبين عابدين لله وأنه ما حصل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم اتساع فأنكر عليهم كما قال في حق هارون عليه السلام ولا شك أن الرسل كلهم متفقون في التوحيد وكأنه إنما سكت عن ذلك خيفة من السيوف المحمدية فإن هذه المؤلفات التي كان يسرها إلى أصحابه ويسرها أصحابه إلى أصحابهم ولو كان حقا لأظهروه على رؤوس الأشهاد انتهى
الشرائع أوهام عند الصوفية
ثم قال ابن عربي فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية وبه جاءت الشرائع المنزلة فشبهت ونزهت شبهت في التنزيه بالوهم ونزهت في التشبيه بالعقل فارتبط الكل بالكل فلم يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه قال الله تعالى ليس كمثله شيء فنزه وشبه وهو السميع البصير فشبه وهي أعظم آية تنزيه نزلت ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف فهو أعلم العلماء بنفسه وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه
ليس لله وجود عند الصوفية
ثم قال في مثل ضربه للتشبيه في التنزيه والتنزيه في التشبيه مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم ثم بعد ذلك يعبر أي
يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا فإن كان الذي يعبرها ذا كشف وإيمان فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط بل يعطيها 29 حقها في التنزيه ومما ظهرت فيه فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة
الداعي عين المجيب
ثم قال ومن ذلك قوله تعالى 40: 60 ادعوني أستجب لكم قال الله 2: 186 وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه وإن كان عين الداعي عين المجيب فلا خلاف في اختلاف الصور فهما صورتان بلا شك وتلك الصور كالأعضاء لزيد فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية وأن يده ليست صورة رجله ولا رأسه ولا عينه ولا حاجبه فهو الكثير بالصور الواحد بالعين كالإنسان بالعين واحد بلا شك ولا نشك أن عمروا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا فهو وإن كان واحدا بالعين فهو كثير بالصور والأشخاص وقد علمت قطعا إن كنت مؤمنا أن الحق عينه يتجلى يوم القيامة في صورة فيعرف ثم يتحول في صورة فينكر ثم يتحول عنها في صورة فيعرف وهو هو المتجلي ليس
غيره في كل صورة ومعلوم أن هذه الصورة ما هي تلك الصورة الأخرى فكأن العين الواحدة قامت مقام المرآة فإذا نظر الناظر فيها إلى صورة معتقده في الله عرفه وأقر به وإذا اتفق أن يرى فيها معتقد غيره أنكره كما يرى في المرآة عين صورته وصورة غيره فالمرآة عين واحدة والصور كثيرة في عين الرائي وليس في المرآة صورة منها جملة واحدة مع كون المرآة لها أثر في الصور بوجه وما لها أثر بوجه
ثم قال فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا
قلت وإلى هذا أومأ ابن الفارض بقوله
ولا تحسبن الأمر عني خارجا ... فما ساد إلا داخل في عبودتي
ولولاي لم يوجد وجود ولم يكن ... شهود ولم تعهد عهود بذمة
وفي عالم التركيب في كل صورة ... ظهرت بمعنى عنه بالحسن زينتي
وضربي لك الأمثال مني منة ... عليك بشأني مرة بعد مرة
تأمل مقامات السروجي واعتبر ... بتلوينه تحمل قبول مشورتي
وتدر التباس النفس بالحس باطنا ... بمظهرها في كل شكل وصورة
وشاهد إذا استجليت نفسك ما ترى ... بغير مراء في المرائي الصقيلة
أغيرك فيها لاح أم أنت ناظر ... إليك بها عند انعكاس الأشعة
وأصغ لرجع الصوت عند انقطاعه ... إليك بأكناف القصور المشيدة
أهل كان من ناجاك ثم سواك أم ... سمعت خطابا عن صداك للصوت
وقل لي من ألقى إليك علومه ... وقد ركدت منك الحواس بغفلة
وما كنت تدري قبل يومك ما جرى ... بأمسك أو ما سوف يجري بغدوة
فأصبحت ذا علم بأخبار منى مضى ... 30 وأسرار من يأتي مدلا بخبرة
أتحسب من جاراك في سنة الكرى ... سواك بأنواع العلوم الجليلة
¥