وما هي إلا النفس عند اشتغالها ... بعالمها عن مظهر البشرية
تجلت لها بالغيب في شكل عالم ... هداها إلى فهم المعاني الغريبة
ولا تك ممن طيشته دروسه ... بحيث استقلت عقله واستفزت
فثم وراء النقل علم يدق عن ... مدارك غايات العقول السليمة
تلقيته مني وعني أخذته ... ونفسي كانت من عطائي ممدتي
ولا تك باللاهي عن اللهو جملة ... فهزل الملاهي جد نفس مجدة
الحق عين كل معلوم عند الصوفية
ثم قال في فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية بعد أن ذكر أن من حكمته الملفوظة أنها إن تك مثقال حبة من خردل الآية وأن من حكمته المسكوبة عموم المؤتى إليه لأنه لم يقل يأت بها الله إليك أو إلى غيرك قال فنبه لقمان بما تكلم به وبما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم لأن المعلوم أعم [من الشيء] فهو أنكر النكرات ثم تمم الحكمة واستوفاها
لتكون النشأة كاملة فيها فقال إن الله لطيف فمن لطافته ولطفه أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح فيقال هذا سماء وأرض وصخرة وشجرة وحيوان وملك ورزق وطعام والعين واحدة من كل شيء
وفيه كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر فهو جوهر واحد فهو عين قولنا [العين واحدة] ثم قالت ويختلف بالأعراض وهو عين قولنا
ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل وهذا عين هذا من حيث جوهره ولهذا تؤخذ عين الجوهر في حد كل صورة أو مزاج فنقول نحن إنه ليس سوى الحق ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر الفرد وإن كان حقا ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي فهذا حكمة كونه لطيفا ثم نعت فقال خبيرا أي عالما عن اختبار وهو قوله ولنبلونكم حتى نعلم وهذا هو علم الأذواق فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الآمر عليه مستفيدا علما ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه [في حق نفسه] ففرق تعالى بين علم الذوق والعلم المطلق فعلم الذوق مقيد بالقوى وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله كنت سمعه
وهو قوة من قوى العبد
وبصره وهو قوة من قوى العبد ولسانه وهو عضو من أعضاء العبد ورجله ويده فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى فعين مسمى العبد هو الحق لا عين العبد هو السيد فإن النسب متميزة لذاتها وليس المنسوب إليه متميزا [31] فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في
هذه الآية من هذين الإسمين الإلهيين
وقال في فص حكمة إمامية في كلمة هارونية اعلم أن وجود هارون كان من حضرة الرحموت ثم ذكر غضب موسى عليه السلام وأخذه بلحيته ثم قال وسبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يده فلو نظر فيها نظرة تثبت لوجد فيها الهدى والرحمة فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما [هو] هارون برئ منه والرحمة بأخيه فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه
تمجيد الصوفية لعبادة العجل
ثم قال وكان موسى عليه السلام أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأن الله قد قضى ألا نعبد إلا إياه وما حكم الله بشيء إلا وقع فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع [الأمر] في إنكاره وعدم اتساعه فإن العارف من يرى الحق في كل شئ بل يراه عين كل شيء
بعض ما كفر به العراقي ابن عربي
قال الشيخ زين الدين العراقي في جواب السؤال المذكور هذا الكلام كفر من قائله من وجوه
أحدها أنه نسب موسى عليكم إلى رضاه بعبادة قومه للعجل
الثاني استدلاله بقوله تعالى 17: 23 وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه على أنه قدر أن لا يعبد إلا هو وأن عابد الصنم عابد له الثالث أن موسى
عليه السلام عتب على أخيه هرون عليهما السلام إنكاره لما وقع وهذا كذب على موسى عليه السلام وتكذيب لله فيما أخبر به عن موسى من غضبه لعبادتهم العجل الرابع أن العارف يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء فجعل العجل عين الإله المعبود فليعجب السامع لمثل هذه الجرأة التي تصدر ممن في قلبه مثقال ذرة من إيمان
آيات تشهد بكفر ابن عربي
¥