ثم ساق من الآيات التي كذب بها في هذه المقالة قوله تعالى 20: 92 93 ما منعك إذا رأيتهم ضلوا أن لا تتبعن وقوله بئسما خلفتموني من بعدي وقوله واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين وقوله إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين وقوله
ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين
شرك الصوفية أخبث الشرك
ثم قال فجاء هذا المخالف لله ولرسوله ولجميع المؤمنين فصوب فعلهم وصرح بأنهم من العارفين بقوله إن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء ولا شك أن شرك قائل هذا أشد من شرك اليهود والنصارى فإن أولئك عبدوا عبدا من عباد الله المقربين وهذا يرى أن عبادة العجل والصنم عين عبادة الله بل يؤدي كلامه إلى أن يرى الحق عين الكلب والخنزير وعين العذرة وقد أخبرني بعض الصادقين من فضلاء أهل 32 العلم أنه رأى شخصا ممن ينتحل هذه المقالة القبيحة بثغر الإسكندرية وأن ذلك الشخص قال له إن الله تعالى هو عين كل شئ فمر بهما حمار فقال وهذا الحمار فقال وهذا الحمار فروث الحمار من دبره فقال له وهذا الروث فقال وهذا الروث فنسأل الله السلامة والتوفيق
تعليلهم لإنكار موسى على السامري
قال ابن عربي وكان موسى يربي هرون عليهما السلام تربية علم وإن كان أصغر منه في السن ولذلك لما قال له هرون ما قال رجع إلى السامري فقال له فما خطبك يا سامري يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص وصنعك هذا الشبح من حلى القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم وليس للصور بقاء فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا وقال له أنظر إلى إلهك فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم لما علم أنه بعض المجالي الإلهية لأحرقنه فإن حيوانية الإنسان لها التصرف من حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان ولا سيما وأصله ليس من حيون فكان أعظم في التسخير
ثم قرر أمر التسخير وان منه ما هو بالمآل ومنه ما هو بالحال وأن ما هو بالحال مثل تسخير الطفل لأبيه بالقيام في مصالحه وتسخير الرعايا للملك بقيامه في مصالحهم قال وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم ويسمى على الحقيقة تسخير المرتبة فالمرتبة حكمت عليه بذلك فالعالم كله يسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه إسم مسخر
قال الله تعالى كل يوم هو في شأن فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه حكمة من الله ظاهرة في الوجود ليعيد في كل صورة وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير فلا بد من ذلك لمن عقل وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه ولذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة فكثر الدرجات في عين واحدة فإنه قضى أن لا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها
الهوى رب الصوفية الأعظم
وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه الهوى كما قال 23: 45 أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وهو أعظم معبود فإنه لا يعبد شئ إلا بالله ولا يعبد هو إلا بذاته ثم قال والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد
فيه ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو ملك أو كوكب
وحدة الأديان عند ابن الفارض
قلت وإلى هذا 32 أشار ابن الفارض بقوله
فبي مجلس الأذكار سمع مطالع ... ولي حانة الخمار عين طليعة
وما عقد الزنار حكما سوى يدي ... وإن حل بالإقرار بي فهي حلت
وإن نار بالتنزيل محراب مسجد ... فما بار بالإنجيل هيكل بيعة
وأسفار توراة الكليم لقومه ... يناجي بها الأحبار في كل ليلة
وإن خر للأحجار في البد عاكف ... فلا تعد بالإنكار بالعصبية
فما زاغت الأبصار من كل ملة ... وما راغت الأفكار من كل نحلة
وما احتار من للشمس عن غرة صبا ... وإشراقها من نور إسفار غرني
وإن عبد النار المجوس وما انطفت ... كما جاء في الأخبار في ألف حجة
¥