صاحب الوقت وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال 24: 79 أنا ربكم الأعلى أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم ولما علمت السحرة صدقه فيما قاله لم ينكروه وأقروا له بذلك فقالوا له 72: 20 فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا فالدولة لك فصح قوله أنا ربكم الأعلى وإن كان عين الحق فالصورة لفرعون فقطع الأيدي والأرجل 35 وصلب بعين حق في صورة باطل لنيل مراتب لا تنال إلا بذلك الفعل فإن الأسباب لا سبيل إلى تعطيلها لأن الأعيان الثابتة اقتضتها فلا تظهر في الوجود إلا بصورة ما هي عليه في الثبوت إذ لا تبديل لكلمات الله وليس كلمات الله سوى أعيان الموجودات فينسب إليها القديم من حيث ثبوتها وينسب إليها الحدوث من حيث وجودها وظهورها كما تقول حدث اليوم
عندنا إنسان أو ضيف ولا يلزم من حدوثه أنه ما كان له وجود قبل الحدوث
حكم من ينسب ربوبية إلى فرعون
قال الشيخ زين الدين العراقي قوله في قول فرعون أنا ربكم الأعلى أنه صح قوله ذلك مستدلا عليه بأن السحرة صدقوه كذب وافتراء على السحرة فلقد كذبوه وخالفوه ودعواه كاذبة وبها أخذ الله فرعون وأهلكه فقال تعالى حكاية عنه فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ثم قال ولا شك أن من صح أنه قال هذا واعتقده مع وجود عقله وهو غيره مكره ولا مجبر الإجبار المجوز للكفر فهو كافر ولا يقبل منه تأويلها على ما أراد ولا كرامة كما قدمنا ذكره وهذا ما لا نعلم فيه خلافا بين العلماء بعلوم الشريعة المطهرة في مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل الاجتهاد والصحيح والله أعلم
وهذا كما ترى مبطل لما يقوله بعضهم من الخرافات في تأويله ستر الكفر وأن المراد به فرعون النفس لأنه نزل قوله على جل آيات القرآن جملة جملة ومن المقطوع به أن الله تعالى ما أنزل هذه الآيات إلا في فرعون موسى
تحريم التأويل
ولهذا قال الغزالي في الطامات من كتاب العلم من الإحياء بعد تحريم التأويل بما لا تسبق الأفهام إليه ما نصه وبعض هذه التأويلات يعلم بطلانه قطعا كتنزيل فرعون على القلب فإن فرعون شخص محسوس تواتر إلينا وجوده ودعوة موسى عليه السلام له كأبي جهل وأبي لهب وغيرهما من الكفار
وليس من جنس الشياطين والملائكة وما يدرك بالحس حتى يتطرق التأويل إلى ألفاظه انتهى
رأي ولد العراقي في الفصوص والتائية
وقال الإمام ولي الدين أحمد العراقي ابن الشيخ زين الدين المذكور في المسألة الحادية والعشرين من فتاويه المكية ما نصه لا شك في اشتمال الفصوص المشهورة عنه على الكفر الصريح الذي لا شك فيه وكذلك فتوحاته المكية فإن صح صدور ذلك عنه واستمر إلى وفاته فهو كافر مخلد في النار بلا شك وقد صح عندي عن الحافظ المزي أنه نقل من خطه في تفسير قوله تعالى 6: 2 إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون كلاما ينبو عنه السمع ويقتضي الكفر وبعض كلماته لا يمكن تأويلها
والذي يمكن تأويله منها كيف يصار إليها مع مرجوحية التأويل وأن الحكم إنما يترتب على الظاهر وقد بلغني عن الشيخ علاء الدين القونوي وأدركت أصحابه أنه قال في مثل ذلك إنما يؤول كلام المعصومين وهو كما قال
ثم ذكر كلام الذهبي فيه وساق الأسانيد إلى ابن عبد السلام بما يأتي عنه من تكفيره ثم قال وأما ابن الفارض فالاتحاد في شعره وأمرنا أن نحكم بالظاهر وإنما نؤول كلام المعصومين لكن علماء عصره من أهل الحديث رووا عنه في معاجمهم ولم يترجموه بشيء من ذلك فقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري في معجمه الشافعي الأديب سمع من
أبي القاسم ابن عساكر وحدث سمعت شيئا من شعره وقال الحافظ رشيد الدين العطار في معجمه الشيخ الفاضل الأديب كان حسن النظم متوقد الخاطر وكان يسلك طريق التصوف وينتحل مذهب الشافعي وأقام في مكة مدة وصحب جماعة من المشايخ
وقال الحافظ أبو بكر بن مسدى برع في الأدب فكان رقيق الطبع عذب النبع فصيح العبارة دقيق الإشارة سلس القيادة نبيل الإصدار والإيراد وتصرف فتصوف فكان كالروض المفوف وتخلق بالزي وتزيا بالخلق وجمع كرم النفس كل مفترق انتهى كلام الشيخ ولي الدين
¥