على التأنيث ثم قال ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر فبدأ بالنساء وختم بالصلاة وكلتاهما تأنيث والطيب بينهما كهو في وجوده فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه فهو بين مؤنثين تأنيث ذات وتأنيث حقيقي كذلك النساء تأنيث حقيقي والصلاة تأنيث غير حقيقي والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود هو عنها وبين حواء الموجودة عنه وإن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا فكن على أي مذهب شئت فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم والعلة مؤنثة
الإله الصوفي بين التقييد والإطلاق
ثم قال وثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله 44: 17 وإن من شئ إلا يسبح بحمده أي بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في
قوله بحمده يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد أنه إنما يثنى على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه وما كان من عمله فهو راجع إليه فما أثنى إلا على نفسه فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه فهو صنعه فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ولهذا يذم معتقد غيره ولو أنصف لم يكن له ذلك إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه 40 على غيره فيما اعتقده في الله إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده وعرف الله في كل صورة وكل معتقد فهو ظان ليس بعالم ولذلك قال أنا عند ظن عبدي بي
أي لا أظهر له إلا في صورة معتقده فإن شاء أطلق وإن شاء قيد فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده فإن الإله المطلق لا يسعه شئ لأنه عين الأشياء وعين نفسه
والشيء ولا يقال فيه يسع نفسه لا يسعها فافهم
قلت وهذا أراد ابن الفارض بقوله
فلو أنني وحدت ألحدت وانسلخت ... من آي جمعي مشركا بي صنعتي
دعاء ومباهلة
هذا آخر الكتاب المباعد للصواب المراد للشك والارتياب لعنة الله على معتقده ورحمة الله على منتقده قد تم ولله الحمد ما أردت انتقاده منه مترجما بسوء السيرة وقبح السريرة عنه وانتهى ما وقع انتقادي عليه وأداني اجتهادي إليه من واضح كفره ودقيق مكره وجلي شره أعاذنا الله بحوله وقوته من شكوكه وعصمنا من زيغ طريقه وباعدنا من سلوكه ورأيت أن أختم ذلك بحكاية طالما حدثنا بها شيخنا شيخ الإسلام حافظ العصر قاضي القضاة أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني الأصل المصري الشافعي
ثم رأيتها منقولة عن كتاب الحافظ تقي الدين الفاسي في تكفير ابن عربي وقد أصلح شيخنا بعضها بخطه قال كان في أيام الظاهر برقوق شخص يقال له ابن الأمين شديد التعصب لابن عربي صاحب هذا الفصوص وكنت أنا كثير البيان لعواره والإظهار لعاره وعثاره
وكان بمصر شيخ يقال له الشيخ صفا وكان مقربا عند الظاهر فهددني المذكور بأنه يعرفه بي ليذكر للسلطان أن بمصر جماعة أنا منهم يذكرون الصالحين بالسوء ونحو ذلك
وكانت تلك الأيام شديدة المظالم والمصائب والمغارم وكنت ذا مأل فخفت عاقبته وخشيت غائلته فقلت إن هنا ما هو أقرب مما تريد وهو أن بعض الحفاظ قال إنه وقع الاستقراء بأنه ما تباهل اثنان على شئ فحال الحول على المبطل منهما فهلم فلنتباهل ليعلم المحق منا من المبطل فتباهلت أنا وهو فقلت له قل اللهم إن كان ابن عربي على ضلال فالعني بلعنتك فقاله فقلت أنا اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعني بلعنتك وافترقنا وكان يسكن الروضة فاستضافه شخص من أبناء الجند جميل الصورة ثم بدا له أن يتركهم فخرج في أول الليل فخرجوا يشيعونه فأحس بشيء مر على رجله فقال لأصحابه مر على رجله شئ ناعم فانظروا ما هو فنظروا 41 فلم يجدوا شيئا فذهب فما وصل إلى منزله إلا وقد عمى ولم يصبح إلا وهو ميت وكان ذلك في ذي القعدة سنة سبع وتسعين وسبعمائة وكانت المباهلة في رمضان منها قال وكنت عند وقوع المباهلة عرفت من حضر أن من كان مبطلا في المباهلة لا تمضي عليه السنة فكان ولله الحمد ذلك واسترحت من شره وأمنت من عاقبة مكره
المكفرون لابن عربي
وقد صرح بكفر هذا الرجل ومن نحا نحوه في مثل هذه الأقوال الظاهرة
¥