والقدر المشترك هو كلي والكلي المطلق لا يوجد كليا مطلقا إلا في الأذهان لا في الأعيان بل كل موجود من المخلوقات له وصف يختص به لا يشاركه فيه غيره في الخارج وأنقص المراتب عند هؤلاء مرتبة أهل الشريعة ثم قال وهم متأهلون للخيال معظمون له ولا سيما ابن عربي منهم ويسميه أرض الحقيقة ولهذا يقولون بجواز الجمع بين النقيضين وهو من الخيال الباطل وقد علم المعتنون بحالهم من علماء الإسلام كالشيخ عز الدين ابن عبد السلام
وابن الحاجب وغيرهما أن الجن والشياطين تمثلت لهم وألفت كلاما يسمعونه وأنوارا يرونها فيظنون ذلك كرامات وإنما هي أحوال شيطانية لا رحمانية وهي من جنس السحر
ولقدولقد حكى سعيد الفرغاني في شرح قصيدة ابن الفارض أن رجلا نزل دجلة ليغتسل لصلاة الجمعة فخرج من النيل فأقام بمصر عدة سنين وتزوج وولد له هناك ثم نزل ليغتسل لصلاة الجمعة فخرج من دجلة فرأى غلامه ودابته والناس لم يصلوا بعد الجمعة ومن المعلوم لكل ذي حس أن يوم الجمعة ببغداد ليس بينه وبين يوم الجمعة بمصر يوم فضلا عن أكثر منه ولا الشمس توقفت عدة أعوام في السماء وإنما هو الخيال فيظنونه لجهلهم في
الخارج ثم قال وحقيقة قولهم إن ما ثم وجودا 47 إلا هذا العالم لا غير كما قاله فرعون لكن هم يقولون إن العالم هو الله وفرعون أنكر وجود الله ثم قال قيل لبعض أكابرهم ما الفرق بينكم وبين النصارى قال النصارى خصصوا وهذا موجود في كلام ابن عربي وغيره ينكرون على المشركين تخصيصهم عبادة بعض والعارف عندهم يعبد كل شيء ثم قال ومن المعتقدين الحلول الخاص طائفة من أتباع العبيدية الباطنية الذين ادعوا أنهم علويون ثم قال وقد اعتقدت طائفة منهم الإلهية في الحاكم كالدريزية
أتباع شهنكير الدرزي الذي كان من موالي الحاكم وأضل أقواما بالشام في وادي تيم الله بن ثعلبة انتهى
رأي ابن هشام وابن خلدون
ومنهم العلامة جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام صاحب المغنى وغيره من المصنفات البديعة وكتب على نسخة من كتاب الفصوص
هذا الذي بضلاله ... ضلت أوائل مع أواخر
من ظن فيه غير ذا ... فلينأ عني فهو كافر
هذا كتاب فصوص الظلم ونقيض الحكم وضلال الأمم كتاب يعجز الذم عن وصفه قد اكتنفه الباطل من بين يديه ومن خلفه لقد ضل مؤلفه ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا لأنه مخالف لما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وفطر عليه خليقته انتهى
وقال العلامة قاضي القضاة أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون إن طريق المتصوفة منحصر في طريقين الأولى وهي
طريقة السنة طريقة سلفهم الجارية على الكتاب والسنة والاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين والطريقة الثانية وهي مشوبة البدع وهي
طريقة قوم من المتأخرين يجعلون الطريقة الأولى وسيلة إلى كشف حجاب الحس لأنها من نتائجها ومن هؤلاء المتصوفة ابن عربي وابن سبعين وابن برجان وأتباعهم ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم ولهم تواليف كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح الكفر ومستهجن البدع وتأويل الظاهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملة أو عدها في الشريعة وليس ثناء أحد على هؤلاء حجة ولو بلغ المثنى ما عسى أن يبلغ من الفضل لأن الكتاب والسنة أبلغ فضلا أو شهادة من كل أحد
وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة وما يوجد من نسخها بأيدي الناس مثل الفصوص والفتوحات المكية لابن عربي والبد لابن سبعين وخلع النعلين لابن قسي وعين اليقين لابن برجان وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض فالحكم في هذه
الكتب وأمثالها إذهاب أعيانها متى وجدت بالتحريق بالنار والغسل بالماء حتى ينمحي أثر الكتاب لما في ذلك من المصلحة العامة 48 في الدين بمحو العقائد المختلفة فيتعين على ولي الأمر إحراق هذه الكتب دفعا للمفسدة العامة ويتعين على من كانت عنده التمكين منها للإحراق
رأي الشمس العيزري
¥