فهذا ظاهر في إرادة الاتحاد بحيث أن الذاتين تكونان ذاتا واحدة لا شبهة فيه أصلا
ثباته على اعتقاد الوحدة
ثم قال في إثباته ونفي الحلول
رجعت لأعمال العبادة عادة ... وأعددت أحوال الإرادة عدتي
وعذت بنسكي بعد هتكي وعدت من ... خلاعة بسطي لانقباض بعفتي
وصمت نهاري رغبة في مثوبة ... وأحييت ليلي رهبة من عقوبة
وعمرت أوقاتي بورد لوارد ... وصمت لسمت واعتكاف لحرمة
وبنت عن الأوطان هجران قاطع ... مواصلة الأحباب واخترت عزلتي
ودققت فكري في الحلال تورعا ... وراعيت في إصلاح قوتي وقوتي
وأنفقت من يسر القناعة راضيا ... من العيش في الدنيا بأيسر بلغة
وهذبت نفسي بالرياضة ذاهبا ... إلى كشف ما حجب العوائد غطت
وجردت في التجريد عزمي تزهدا ... وآثرت في نسكي استجابة دعوتي
متى حلت عن قولي أنا هي أو أقل ... وحاشا لمثلي أنها في حلت
جميع هذه الأفعال التي هي محاسن الشريعة جعلها نقائض ودعا على نفسه بها إن ادعى الحلول أو حال عن دعوى الاتحاد
استدلاله على زندقته
ثم قال بعد هذا بكثير في أواخر القصيدة دالا على مذهبه فيما زعم
وجاء حديث في اتحادي ثابت ... روايته في النقل غير ضعيفة
يشير بحب الحق بعد تقرب ... إليه بنفل أو أداء فريضة
وموضع تنبيه الإشارة ظاهر ... بكنت له سمعا كنور الظهيرة
قال شارحه إن الحب ميل باطني أثره رفع امتياز المحب والمحبوب ورفع ما بينهما والمحب عين الحضرة الإلهية والمحبوب ظهور كماله الذاتي والأسمائي ولن يصح لقبول هذا الظهور المحبوب منصة إلا الحقيقة الإنسانية صورة ومعنى لكمال جمعيتها وتتميمها دائرة الأزلية والأبدية والحديث المشير بهذا الاتحاد لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ولسانا ورجلا وعبارة التلمساني في مقدمة شرحه نص
في المراد وهي فالسمع والبصر وغيرهما من الصفات في أي موصوف كان هو الله حقيقة وسيأتي كلام القشيري 72 والسهروردي أن هذا زندقة وساق ابن الفارض بعد الأبيات الماضية ما زعم أنه يدل على دعواه الاتحاد وأنه إذا دل على ذلك انتفى الحلول فقال
ولست على غيب أحيلك لا ولا ... على مستحيل موجب سلب حليتي
وكيف وباسم الحق ظل تحققي ... تكون أراجيف الضلال مخيفتي
وها دحية وافى الأمين نبينا ... بصورته في بدء وحي النبوة
أجبريل قل لي كان دحية إذ بدا ... لمهدي الهدى في هيئة بشرية
وفي علمه عن حاضريه مزية ... بماهية المرئي من غير مرية
يرى ملكا يوحى إليه وغيره ... يرى رجلا يرعى لديه لصحبة
ولي من أصح الرؤيتين إشارة ... تنزه عن رأي الحلول عقيدتي
يدين بتلبس الله بصورة خلقه
قالوا إن المراد كما هو ظاهر جدا أن جبريل عليه السلام ظهر في صورة دحية من غير حلول فيه ولأجل ظهوره كذلك ادعى أن الله تعالى تجلى بصورة الناظم لم يدع حلوله فيه
قال البساطي لكن دعوى تجلى الله بصورة ما مكفر بها شرعا بإجماع المسلمين والكافرين من آمن به وإن لم يكن حلولا
ثم قال دالا على أن ما قاله بزعمه في الكتاب والسنة
وفي الذكر ذكر اللبس ليس بمنكر ... ولم أعد عن حكمي كتاب وسنة
وشرحه الشراح كلهم بقوله تعالى في الكتاب العزيز 30: 28 نودى من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله
وقوله تعالى وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى
وقوله تعالى يد الله فوق أيديهم وفي السنة حديث الإتيان في الصورة التي تنكر يوم القيامة ثم في الصورة التي تعرف
ثم قال فعلم أنه تعالى يتلبس بأي لباس صورة شاء مما يعرف ومما ينكر من غير حلول فكان ظهوره بصورتي جائزا من غير حلول فصح بهذا دعوى اتحادي مع نفي الحلول
انتهى وليس وراءه تصريح بالكفر
نسأل الله العافية
وقالوا في شرح البيت الثاني إن الحق من أسماء الذات ومن اتصف بأسماء
الذات أعلى ممن اتصف بأسماء الصفات وقد أخبر عن اتصافه باسم الحق وهو الثابت بذاته المثبت لغيره فلا يمكن أن يتغير عما ذهب إليه
رأى القشيري والسهروردي
وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري في شرحه للأسماء الحسنى إن العبد لا يجوز أن يتصف بصفات ذات الحق كما زعم بعضهم أن العبد يكون باقيا ببقاء الحق سميعا بسمعه بصيرا ببصره وهذا خروج عن الدين وانسلاخ عن الإسلام بالكلية وهذه البدعة أشنع من قول النصارى إن الكلمة القديمة اتحدت بذات عيسى عليه السلام وهي توازي قوله 73 الحلولية
¥