قالوا في شرحه إن الطفل يبين بحاله من الإصغاء إلى المناغي عن حال أهل السماع والرقص فيثبت بهذا انتفاء النقص خلافا لما قاله المحجوبون ولما كان سماع الطفل ورقصه بريا عن الشهوة والرئاء كان معربا عن صحة حال سماع الواجدين ورقصهم وهزل الملاهي جد نفس مجدة فلا تكن غافلا
عنه فإنه فائض من الأسماء الإلهية وما يفيض عن الحق إلا ما هو حق لا باطل
الباطل إله الصوفية
ولذلك قال ابن عربي لا تنكر الباطل في طوره فإنه بعض ظهوراته فقد أفاد هذا أنهم يعتقدون أن الباطل هو الله ولو لم يكن في هذا إلا أنه يدعو إلى البطالة والخلاعة والضلالة لكان كافيا في استهجانه 75 ومنابذته للدين
وقد نقل شيخنا حافظ العصر ابن حجر في لسان الميزان أنه كان لهذا الناظم جوار في البهنسة موظفات للغناء والضرب بآلات الملاهي وكلما ماتت واحدة منهن اشترى بدلها أخرى وكان يذهب إليهن في بعض الأوقات فيسمعهن ويرقص على غنائهن ويرجع
المناضل عن ابن الفارض
فالمناضل عنه مسارع إلى شكله ومضارع لمن كان فعله كفعله كما قال علي
رضي الله عنه بعد قدومه الكوفة بثلاثة أيام قد عرفنا خياركم من شراركم قالوا كيف ومالك عندنا إلا ثلاثة أيام قال كان معنا خيار وشرار فانضم خيارنا إلى خياركم وشرارنا إلى شراركم وحديث الأرواح جنود مجندة الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أعدل شاهد لذلك ويتعين على كل مسلم إنكار ما أنكره الشرع من مثل هذا
قوله يوجب إراقة دمه
وقد اعترف هو أن ما قاله موجب لإراقة الدم وأنه قاله في الصحو والإفاقة لا في السكر والجذبة فقال
وثم أمور تم لي كشف سترها ... بصحو مفيق عن سواي تغطت
بها لم يبح من لم يبح دمه وفي الإشارة ... معنى ما العبارة حدت
قالوا في شرحه أي انكشفت لي أمور وأسرار بواسطة الصحو الذي حصل لي بعد السكر والإفاقة وهي متغطية عن غيري من المحجوبين ولم يظهر تلك الأسرار إلا من أباح دمه للمحجوبين فإنهم يقتلون العارفين الذين باحوا بأسرار التوحيد وصرح بأن ما بقوله حقيقة لا مجاز فقال
عليها مجازي سلامي فإنما ... حقيقته مني علي تحيتي
قال الشراح أي على حضرة المحبوبة سلامي في قولي التحيات إلى آخره مجاز لأنها عيني لا غيري فحقيقة السلام مني وإلي وقد مثلوا كون التشخص مجازيا والإطلاق حقيقيا بأن الروح الكلي الذي هو الإله عندهم كالبحر والأشخاص الناشئة منه مثل البخار الصاعد من صورته البخارية ثم في صورة السحابية ثم يرجع إلى الماء ويختلط بالبحر فيصير إياه وهو بخار وسحاب حقيقة وتلك الصورة العارضة مجاز
فأين هذا الانهماك في اللذة قولا وفعلا والانقياد للهوى عقدا وحلا من رتبة الولاية التي يدعيها المتعصبون له التي من شرطها الإعراض عن الانهماك في اللذات الدنيوية ومن رتبة الولاية التي يدعيها هو
ومن هنا تعلم أنهم لا أرضوه ولا أرضوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحدا من المؤمنين فإنه هو لا يرضى إلا أن يكون خليعا وهم يقولون متقيد وهو يقول إن ما قاله مبيح للدم وهم يقولون لا يبيحه وهو يقول إنه عاقل صاح وهم يقولون مجنون 76 سكران وهو يقول إن ما قاله حقيقة وهم يقولون مجازا ولا يقدرون على تخريجه على المجاز وهو لا يرضى إلا أن يكون هو الله وينهى عن ذكره بغير لماذا يزجر عن تكنيته بكنية أو تلقيبه بلقب
وألغ الكنى عني ولا تلغ ألكنا ... بها فهي من آثار صيغة صنعتي
وعن لقبي بالعارف ارجع فإن ترى ... التنابذ بالألقاب في الذكر تمقت
قال شراحها أي أسقط الكنى عني ولا تستعمل اللغو في إطلاقها على حال كونك عييا عن الكلام في تعريف مقامي فإنها من آثار مصنوعاتي إذ الإنسان صاغها وهو من جملة مصنوعاتي التي أوجدتها وارجع عن إطلاقك علي اسم العارف لاتحادي بذات من لا يطلق عليه هذا الاسم فلم يدع جهدا في زجرهم عن تسميته بالعارف ولم يدع النبي صلى الله عليه وسلم لبسا في أمرهم بتكفيره وهم يعصون كلا من الأمرين ولا يرجعون عن شئ من المنهيين فيا خسارتهم بما ضروا به أنفسهم فيما لا ينفعهم كما قال تعالى فيمن يعبد الله على حرف يدعو من دون الله مالا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير
زعمه أنه عرج إلى السماء
¥