تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - وأختم هذه الأدلة بحديث نبوى كما استهللتها به وهو حديث أبى بن كعب رضي الله عنه، قال: أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الملك كان معى فقال: اقرأ القرآن، فعد حتى بلغ سبعة أحرف فقال: ليس منها إلا شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو تختم رحمة بعذاب.

قال أبو عمرو الدانى: هذا تعليم التمام من رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن جبريل عليه السلام، إذ ظاهره دالّ على أنه ينبغى أن تقطع الآية التى فيها ذكر النار والعقاب وتفصل مما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة والثواب، والأمر كذلك أيضاً إذا كانت الآية فيها ذكر الجنة والنار بأن يفصل الموضع الأول عن الثانى.

قال السخاوى معقباً: لأن القارئ إذا وصل غير المعنى؛ فإذا قال: (تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين) غيرّ المعنى وصير الجنة عقبى الكافرين ....

والسلف الصالح - رضى الله عنهم - كانوا يراعون مواضع الوقف والابتداء تمام المراعاة خشية أن يقف الواحد منهم على مالا يجوز أو أن يبتدئ بما لا ينبغى بل إن بعضهم كان إذا قرأ ما أخبر الله به من مقالات الكفار يخفض صوته بذلك حياءً من الله أن يتفوه بذلك بين يديه. وليس معنى ذلك أن من يجهر بمثل ذلك يكون مخطئاً أو لم يراع قواعد الأدب مع الله لأن السر والجهر بالنسبة إلى الله تعالى سواء. قال تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور).

ومن العلماء الذين نبهوا على وجوب مراعاة ذلك الإمام مكى بن أبى طالب فى كتابه الكشف عن وجوه القراءات السبع، وضرب على ذلك بعض الأمثلة على ما لا يجوز الابتداء به ومن ذلك الابتداء فى القراءة بقوله تعالى: (الله لا إله إلا هو) بعد الاستعاذة مباشرة فإنه غير سائغ؛ لأن القارئ يصل "الرجيم" بلفظ الجلالة وذلك قبيح فى اللفظ يجب الكف والامتناع عنه إجلالاً لله وتعظيماً له.

ومنه أيضاً الابتداء بقوله تعالى: (إليه يرد علم الساعة) بعد الاستعاذة مباشرة لأن القارئ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إليه يرد علم الساعة؛فيصل ذلك بالشيطان وهو قبيح جدا ً.

ما يشترط فيمن يقوم بتحديد مواضع الوقف والابتداء

ليس لكل واحد من الناس أن يحدد مواضع الوقف والابتداء بل ينبغى توفر شروط فيمن يقوم بشأن تحديد مواضع الوقف والابتداء منها:

1 - العلم بالنحو: حتى لا يفصل -بالوقف - بين المبتدأ وخبره أو بين المتضايفين - أى المضاف والمضاف إليه - أو بين المستثنى والمستثنى منه اللهم إلا إذا كان هذا الاستثناء منقطعاً؛

فإن العلماء قد اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال:

أ- قال بعضهم: يجوز الفصل مطلقاً؛ لأنه فى معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه.

ب- وقيل: هو ممتنع مطلقاً لأن المستثنى فى حاجة إلى المستثنى منه - فى هذه الحالة - من جهة اللفظ والمعنى حيث لم يعهد استعمال إلا الاستثنائية وما فى معناها إلا متصلة بما قبلها لفظاً ومعنى كذلك لأن ما قبلها مشعر بتمام الكلام فى المعنى؛ إذ قولك: ما فى الدار أحد هو الذى صحح: إلا الحمار. فلو قلت: إلا الحمار وحده لكان خطأ.

ج- وقيل: الأمر يحتاج إلى تفصيل، فإن صرح بالخبر جاز لاستقلال الجملة واستغنائها عما قبلها، وإن لم يصرح به - أى الخبر - فلا يجوز لافتقارها.

وبالجملة؛ فإن معرفته بعلم النحو تجعله لا يقف على العامل دون المعمول، ولا على المعمول دون العامل، ولا على الموصول دون صلته، ولا على المتبوع دون تابعه، ولا على الحكاية دون المحكى، ولا على القسم دون المقسم به، أو غير ذلك مما لا يتم به المعنى. يضاف إلى ذلك أن الوقف قد يكون تاماً على إعراب غير تام على إعراب آخر؛ فظهر بذلك ضرورة العلم بالنحو لمن يقوم بتحديد مواضع الوقف والابتداء.

2 - العلم بالقراءات: لأن الوقف قد يكون تاماً على قراءة، غير تام على قراءة أخرى.

3 - العلم بالتفسير: لأن الوقف قد يكون تاماً على تفسير معين، غير تام على تفسير آخر.

4 - العلم بالقصص: حتى لا يقطع قبل تمام قصة.

5 - العلم باللغة التى نزل عليها القرآن.

هذه الشروط اشترطها ابن مجاهد، ونقلها عنه السيوطى موجزة. واشترط غير ابن مجاهد العلم بالفقه كذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير