والجواب بعون الملك الوهاب أن الشيخ لم يدع ذلك, وكلام الشيخ ليس به خفاء, فأين ادعى ذلك, إنما هي استنتاجات عقلك الحاقد الحريص على نبز الشيخ. التي تصل إلى درجة الكذب على خصومك فاتق الله.
قلتَ: (رابعا: ادعاؤه بأن الذهبي رحمه الله تعالى قال في سير أعلام النبلاء في ترجمة ذي النون المصري بأن الخليفة لما امتحنه لم يجد عنده ما يستنكر فرده إلى بلده وأكرمه، قال الذهبي بعد هذه المسألة في ترجمته: "والشأن في صحة ذلك عنه وعن أمثاله".
قلت: وهذا الكلام كله هو كذب على الإمام الذهبي، فلا يوجد هذا الكلام البتة في سير أعلام النبلاء للذهبي في ترجمة ذي النون المصري.) ثم نقلت ترجمة ذي النون من السير.
والرد سهل جدا, فقد ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء نقلا عن السلمي قوله: (دعاه أمير مصر، وسأله عن اعتقاده، فتكلم، فرضي أمره. وطلبه المتوكل، فلما سمع كلامه، ولع به وأحبه.) وقد كان المتوكل طلبه للأمر نفسه فإنه ورد في السير أيضا: (وعن عمرو بن السرح قلت لذي النون: كيف خلصت من المتوكل وقد أمر بقتلك؟) ثم ذكر قصة لقياه المتوكل ورضاه عنه بعد سماع كلامه. وهذا عجيب والأعجب من هذا أن ما ذكرته نقله الأخ هشام وهو في ترجمة ذي النون ,فليراجعه من أحب. فسبحان الله.
أقول لك الآن يا هشام: أليس قد دعاه الخليفة ورضي عنه؟! أليس هو في سير أعلام النبلاء يا هشام؟! أليس قولك (فلا يوجد هذا الكلام البتة في سير أعلام النبلاء للذهبي في ترجمة ذي النون المصري) هو عين الكذب يا هشام؟! الجواب: بلى, وقد كذبت يا هشيم.
وبهذا تكون قد أفلتت يداك من كل المماسك.وطارت تهمك في الهواء.
ولا يفوتني كما تفعل أنت أن أشير إلى كذبة صغيرة على الشيخ أبى هشام إلا أن يبدأ بها تهمه وهي قوله في سياق الإنكار على الشيخ: (وأن الخليفة ببغداد استدعى ذا النون فلم يجد عنده شيئا مما يستنكر فأرجعه إلى بغداد) فالشيخ لم يقل إنه أرجعه إلى بغداد فإنه أرجعه إلى بلده وهي مصر يا هشام. وهذا كذب على الشيخ وجهل بترجمة ذي النون المصري. وأعتذر عن تتبعي لمثل هذه الدقائق فإنني أخذت هذه الطريقة من هشام, والجزاء من جنس العمل.
قلتَ يا هشام: (نعم قد قال الإمام الذهبي رحمه الله نحو هذا الكلام " الشأن في صحة ذلك عنه " وقوله " وعن أمثاله " زادها بوخبزة من كيسه، ولكن ليس في ترجمة ذي النون وإنما في ترجمة أبي يزيد البسطامي رحمه الله.)
قلت: أولا تنصف يا هشام, ألم يقل الشيخ بعد ذلك (الشأن في صحة ذلك عنه) مصححا عبارته, أنصحك بأن تعيد استماعك لكلام الشيخ من القرص وحاول أن تنسى حينها أنك من جماعة العدل والإحسان وأنصف فإن لم تقدر فتكلف الإنصاف. فإن الإنصاف خير كله.
وقلتَ: (والاستدعاء ليس له علاقة برؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة. على أن تلك الكلمة التي قالها الإمام الذهبي نفسها قالها في سياق غير مرتبط برؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة، فتأمل!!.)
قلت: صدقت: ليس للاستدعاء علاقة برؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة وقول الذهبي (فالشأن ... ) قاله الذهبي في سياق غير مرتبط برؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة, أحسنت يا هشام, ولكن ما علاقة الشيخ بوخبزة بهذا, أو تدعي أن الشيخ يقول: (إن الخليفة استدعاه لأجل دعواه رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن الذهبي قال ما قال في نفس السياق, هذا ما لا سبيل إلى إثباته إلا بالتكلف. والذي يسمع كلام الشيخ يجد أنه يتحدث عن ما ادعوه من قبيل رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة من رؤية الله في المنام وأحوال خاصة وكشوفات وأقوال قالوها ظاهرها الكفر أو البدعة ولم يخصص الشيخ رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحديث حتى يلزم بها. قد نسيت يا هشام أن الشيخ بوخبزة علامة مؤرخ, وهنا أقول لك: أسأت يا هشام.
وأما قولك إن الذهبي لم يقل ذلك في ترجمته فنعم وقد أخطأ الشيخ.ولا يضر هذا, وليس هذا من الكذب يا هشام ,وأنت تعرف هذا. وقد عرضت هذا على الشيخ فاستعظم أن ينسب بسبب هذا إلى الكذب.
وأقول أخيرا: كل ما كذَّبتُ فيه هشاما وقلت فيه: (كذب) فقد قلته جريا على طريقته وإلا فإني أقول: لعل هشاما وهم في كل هذا, بسبب حقده على الشيخ , وغلوه في شيخه, وأنزه هشيما عن تعمد الكذب. وأنصح كل من حاول تتبع زلات الشيخ بالهوى والتشهي فإني له بالمرصاد والله الموفق.
كسب الرهان الثاني
وأما تكذيبك لأخينا الدكتور العلمي لوهم حصل له فدليل آخر على أن غرضك في هذه النظرات شخصي. وأن قصدك الانتقام لشيخك وجماعتك ,وإلا فإنه كان الأولى أن لا تعذر صاحبك الذي نسب الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) فلعل الدكتور العلمي وقع عينه على قطعة من حديث عبد الله بن كثير عن أبيه عن جده وهي: (إنه من أحيا سنة من سنتي) فحسبه حديث علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أنس بن مالك الذي ذكره أحد المشرفين على الموقع وكلاهما في سنن الترمذي بل إن أحدهما تلو الآخر في كتاب العلم (باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع) , ولم ينبه الأخ هشام إلى هذا موهما القارئ أنه ليس في الترمذي ليهول الأمر. وهذا لا يليق بهشيم.فكان الأولى المناسب للدين والورع أن ينسبه للوهم ـ إن لم يقنعه وصفه بالخطأ ـ أما أن يبادر إلى رميه بالكذب فلؤم لا يوصف به كريم طبع.
يا هشام , إن كنت تريد شغل نفسك بالرد, فرد على أصول ما ورد في القرص من الإنكار عليكم دعواكم رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة والملائكة في صورهم في الطرقات وغير ذلك, هذا ما ننتظر ردكم فيه. فلا تشغل نفسك وتشغلنا معك ببحوث جانبية لا تنفع حجة أو بينة لما تدعون. والحمد لله الذي رد كيدكم إلى الوسوسة.
كتبه أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن الحمودي
¥