تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد كان الإمام أحمد بن حنبل رجلاً ليناً، لكن لما رأى الناس يجيبون ويعرضون عن الحق، عندئذ ذهب ذلك اللين، وانتفخت أوداجه، واحمرت عينا [8].

ومع ذلك البطش والجدل والسجن من قبل أولئك الخلفاء إلا أننا نجد هذا الإمام يقول:

كل من ذكرني ففي حلّ إلا مبتدعاً، وقد جعلت أبا إسحاق - يعني المعتصم- في حل ورأيت الله يقول:» وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم «وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر بالعفو في قصة مسطح - ثم قال - وما ينفعك أن يعذِّبَ الله أخاك المسلم في سبيله؟ «[9].

وهاك مثالاً ثالثاً لأئمة أهل السنة، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقرر عقيدة السلف الصالح، ويجاهد بلسانه وسنانه طوائف الزيغ والانحراف، فيرد على أهل الكتاب ويقمع أكاذيب الباطنية، ويناظر الصوفية وأهل الكلام ...

وكل ذلك من أجل بيان الحق وتبليغه.

وفي الوقت نفسه فقد كان -رحمه الله- من أعظم الناس شفقة وإحساناً، وإليك المشاهد الدالة على ذلك:

يقول ابن القيم:» جئت يوماً مبشراً له (أي لابن تيمية) بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، فسروا به ودعوا له «[9].

ولما مرض ابن تيمية - مرض الوفاة - دخل عليه أحدهم، فاعتذر له، والتمس منه أن يحلله، فأجاب الشيخ:» إني قد أحللتك وجميع من عاداني وهو لا يعلم أني على الحق، وإني قد أحللت السلطان المعظم الملك الناصر من حبسه إياي، كونه فعل ذلك غيره ... «[10].

وقال أحد خصومه (ابن مخلوف):» ما رأينا مثل ابن تيمية، حرّضنا عليه فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا «[11].

وأخيراً أدعو إخواني إلى ضرورة معرفة الحق ورحمة الخلق، وأن نهتم بتحقيق العلم والعدل في هذا الشأن، وأن نسعى جادين صادقين إلى تحقيق منهج أهل السنة عقيدة وسلوكاً، والله المستعان.


[1] الحجة في بيان المحجة 2/ 528 وانظر عقيدة السلف للصابوني (ت 449 ه) ص 97 - 99 واعتقاد أئمة الحديث للإسماعيلي (ت 371 ه) ص 78، وانظر آخر مبحث في العقيدة الواسطة لابن تيمية.

[2] الرد على البكري ص 257.

[3] شرح حديث ما ذئبان جائعان ص 19.

[4] أخرجه أحمد 2/ 181، 195 وابن ماجه (85).

[5] انظر تفصيل ذلك في الاعتصام للشاطبي 1/ 71 - 73.

[6] الآداب الشرعية لابن مفلح 2/ 24.

[7] أسير أعلام النبلاء 9/ 234.

[8] المرجع السابق 9/ 238.

[9] مدارج السالكين 2/ 345.

[10] الأعلام العلية ص 82.

[11] الباب الثالث 14/ 54.

ـ[حيدره]ــــــــ[12 - 09 - 06, 12:46 ص]ـ
جزاك الله خير

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير