تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وقد أرسل ابن عزوز بعد هدايته للسلفية رسالة إلى الشيخ الكويتي عبدالعزيز الرشيد صاحب مجلة "الكويت" قال فيها: " دخل علي السرور ما الله به عليم في التعرف بكم وظفري بصاحب مثلكم، وذلك أن قلبي موجع من غربة العلم والدين وأهله وقلة أنصاره. وإيضاح هذا: أني لست أعني بالدين الدين الذي قنع به أكثر طلبة العصر والمنتسبين إلى العلم في الشرق والغرب من كل مذهب من مذاهب أهل السنة. سارت مشرِّقة وسرت مغرباً * شتان بين مُشرِّق ومغرِّب

ولكني أعني بالعلم والدين علم السنة، وما الدين إلا اتباعها وإيثارها على عصارات الآراء وهجومة المتفقهة، وما التوحيد إلا توحيد السلف الصالح، وأما غيره فأشبه بالضلالات وزلقات الهفوات ... إننا نجد فقيهاً تقياً محباً للسنة ومبغضاً للبدعة، متعففاً من تناول الحرام، واقفاً موقف النصح والإرشاد للخلق، حسن النية، لكنه جاهل بعبادات النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه في شؤونه كلها.

وقد يكون عارفاً بها أو ببعضها، ويترك المتابعة النبوية عمداً، لأنها خالفت قول فقهائه، ولو تخبره بإصلاح عبادة أو تحرير حكم شرعي بنص نبوي ينفر منك نفرته من العدو، ورآك مخادعاً، ولربما اتخذك عدواً مبيناً بعد المحبة والصحبة ويحكم بضلالك، كل ذلك لغلوه في التقليد، ولا يخفى أن أولئك لا يقال لهم علماء إلا مجازاً خلاف في ذلك كما قاله ابن عبدالبر وغيره، وتجد آخر متفنناً بعدة علوم، وربما يكون مطلعاً على دواوين الحديث نبيهاً، له همة تنبو به عن التقليد، يبالغ في تتبع الأدلة، فينقلب عن الدين وغيرته في اعتقاد تأثير الطبيعة، حتى ينكر معجزات الأنبياء، وينكر كونها خارقة للعادة ونحو ذلك من القول بنفي حشر الأجساد في الآخرة ونفي تناسل البشر من آدم وحواء. الخ. وإياها أعني في عدة مباحث من (العقيدة الإسلامية) التي رأيتموها بجدة، وبعض هؤلاء أيضاً لهم حسن نية في تعديهم الحدود، فهذان الفريقان اللذان هما على طرفي نقيض، أحدهما مُفرط، والآخر مُفَرط، كلاهما يعدهما المغفلون من علماء الدين، ولكل منهما أتباع وأنصار. (انعق بما شئت تجد اتباعاً).

والقسم الثالث: وهم الأوسطون الذين تفقهوا بفقه الأئمة رضوان الله عليهم، واعتنوا بالحديث الشريف مع تفنن في الأصول والعلوم العربية، ودققوا مسائلهم الدينية، فما كان من الفقه سالماً من مصادمة سنة بقوا عليه، وما صادمها نبذوه وعذروا قائله بعدم بلوغ الخبر له، هذا فيما يتعلق بالعلم العملي، وأما الاعتقادي فهو معذور في الابتداء في كتب المتكلمين، ثم يترقى بطريقة السلف، ولا تؤخذ حقيقتهما إلا من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وصاحبه الذي هو نسخة صحيحة لا تحريف فيها الشمس ابن القيم، فيعتقد ما هناك بأدلة متينة وإيمان راسخ، فيصبح من الفرقة الناجية التي عرّفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم على ما كان عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا القسم الثالث الذي هو على الصراط المستقيم، المدعو بالهداية إليه في الفاتحة بكل ركعة، قليل في الوجود مع الأسف، قال الله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور) فأنا أنظر شرقاً وغرباً فأرى كما قيل:

ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم * الله يعلم أني لم أقل فندا

إني لأفتح عيني حين أفتحها * على كثير ولكن لا أرى أحداً

وربما أجد في مليون من الخلق واحداً، فأنا أشد فرحاً من ولادة ولد ذكر لابن الستين الفاقد البنين، ولهذا سررت بكم بعدما تتبعت كتابكم الذي أهديتموه لي، لأني طالما انخدعت للمدعين بطريقة السلف اعتقاداً وتحري السنة تفقهاً، فأجد من آثارهم عند إمعان النظر، أنهم ليسوا الذين أريد، ولذلك وقفت النظر في كتابكم، وأنا معذور، إذ لم يسبق بيننا تعارف ولا مذاكرة، فوجدتكم والحمدلله من الضالة التي أنشدها، وأيده كتابكم الخصوصي الذي أرسلتموه لي، فجزى الله علامة العراق خيراً السيد شكري، حيث دلكم على إجراء وسيلة التعارف بيننا، وكذلك صديقنا الكامل السني السيد محمد نصيف في اطلاعكم على رسالتنا التوحيدية، وهذا كله يظهر مصداق الحديث الشريف (الأرواح جنود مجندة) الخ ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير