تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلا حظر علينا ولا واجب، فإذا سئلوا لأيِّ شيءٍ تُصلُّون وتصومون، وتأتون بما يأتي به المسلمون مِن الواجبات؟ قالوا: لرياضة الجسد، وعادة البلد، وصيانة المال والولد -أي: مِن القتل- ولأنَّ هذين الصنفين متفقان في أصل الاعتقاد وإن اختلفا في التأويل إلاَّ مَن عصمة الله تعالى منهم أعني: مِن فرق الصوفية، والتزم أحكام الشريعة، والعمل بها، وحقَّ العلماء والفقهاء - يعني: اعترف لهم بالحق - ولم يَدخل في شيءٍ مِن هذه الخزعبلات والأباطيل التي دخلوا فيها؛ فصحَّ اعتقاده، وصفت سريرته: فإنَّه مُبرَّأ مما هم عليه'.

وإلى هنا ينتهي كلام الإمام.

ومعنى كلامه باختصار: إنَّ مَن انتسب إلى التصوف اسماً ولم يكن مثلهم على هذه الأشياء فهو لا يأخذ حكمهم، وهذا صحيح، وكما سبق أن قلنا: إن هناك كثير مِن النَّاس مخدوعين بهم.

فالخلاصة أننا: قد سمعنا كلام الإمام خشيش، وكلام الإمام الأشعري، وكلام السكسكي، وكلام الرازي، وكلام البيروني؛ من مصادر -والحمد لله- وهذه المصادر موجودة، وموثقة، ومطبوعة.

وأيضاً: هناك مِن المعاصرين أناسٌ كثيرٌ: كتب عنهم عبد الرحمن بدوي [22] وكتب عنهم طلعت غنَّام، وكتب عنهم آخرون -لا داعي لاستعراضهم-.

3 - نظرات في كتاب المختار لمحمد علوي مالكي

ننظر الآن إلى كتابٍ مِن كتب محمد علوي مالكي -ربَّما لم يطلع عليه بعض النَّاس- الكتاب سمَّاه: المختار مِن كلام الأخيار، طبع في مصر سنة (1398هـ)، ولنقارن ما جاء في هذا الكتاب بما سمعنا الآن مِن عقائد الصوفية؛ لننظر على أيِّ دينٍ هذا الرجل، ونعرف عندئذٍ حكمَه، ونعرف القضيَّة الأساسيَّة التي هي -كما قلتُ- أنَّ التصوف دينٌ مستقلٌ عن الإسلام، وأن من داخله من ينتسب إلى الإسلام ويدَّعي أنَّه مسلم، والإسلام بريء منه!

السري السقطي يخاطب الله!!

يقول محمد علوي مالكي في هذا الكتاب -صفحة [134]- عن السري السَقَطي [23]-يقول: ' رأيتُ كأنِّي وقفتُ بين يدي الله عز وجل، فقال: يا سري خلقتُ الخلقَ فكلُّهم ادَّعوْا محبتي، فخلقتُ الدنيا فذهب منِّي تسعةُ أعشارهم وبقيَ معي العشر، قال: فخلقتُ الجنَّة فهرب منِّي تسعةُ أعشار العشر، فسلَّطتُ عليهم ذرةً مِن البلاء؛ فهرب تسعةُ أعشار عشر العشر! فقلتُ للباقين معي: لا الدنيا أردتم، ولا الجنَّة أخذتم، ولا مِن النَّار هربتم، فماذا تريدون؟

قالوا: إنَّك لَتعلم ما نريد فقلتُ لهم: فإنِّي مسلِّطٌ عليكم مِن البلاء بعدد أنفاسكم؛ مالا تقوم له الجبال الرواسي، أتصبرون؟

قالوا: إذا كنتَ أنتَ المبتلي لنا فافعل ما شئتَ. فهؤلاء عبادي حقاً '.

لاحظوا هذا الكلام!! متى خاطب الله السري؟

هل كلَّم اللهُ أَحَداً بعد موسى عليه السلام؟

هل حصل هذا عن طريق الوحي؟

هل نزل جبريل على أحدٍ بعد محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

هذه هي الأقوال التي أقول: إنَّها أساس الخلاف بيننا وبين الصوفية، وهو: التلقِّي، إنَّهم لا يتلقَّوْن مِن الكتاب والسنَّة، بل يتلقَّوْن مِن المخاطبة المباشرة علم الحقيقة، العلم اللدني، العلم المباشر عن الله كما يدَّعون أنَّ الله يكلِّمهم، ويخاطبهم مثل ما ذكر هؤلاء الأئمة خشيش، أو الرازي، أو السكسكي، أو الأشعري.

هذا الكلام ينقله محمد علوي مالكي عن السريِّ السقطي، فلنفرض أنَّ السريَّ السقطي أخذ هذا الكلام مِن كتاب بانتجل، كتاب الهند -الذي ذكره البيروني، أو كتاب زندأفستا، أو أي كتاب، أو أي مصدر، كيف ينقله محمد علوي مالكي؟

السؤال هنا للمالكي: كيف تنقل هذا النصَّ وتقرُّه؟

وأين هم هؤلاء الذين يعبدون الله لا خوفاً مِن النَّار، ولا حبًّا في الجنَّة؟

هؤلاء أفضل مِن أنبياء الله الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] والأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- تعوَّذوا مِن البلاء، ومتى امتحن الله تعالى الخلقَ بعددِ أنفاسهم مِن البلاء ما لا تصبر له الجبال الرواسي؟

وهؤلاء هم -فقط- مَن يحبُّون الله؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير