تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المهمُّ: أن سلمان يعتبر مِن المعدودين الذين ثبتوا على الإسلام عند هؤلاء، ولم يرتدوا، والسبب في ذلك: أن الفكرة التي تهيئ نفسها فكرة يهوديَّة، مجوسيَّة؛ نشأت في بلاد المجوس، وانتشرت عن طريقهم، فيوضع سلمان -رضي الله عنه- في السند، وأنَّه تلَّقى علم الباطن.

والعلم الباطن هو الذي نجده في كلام الصوفية في تفسيرهم الذي يسمونه "التفسير الإشاري"، وفي إشاراتهم، وفي أقوالهم، وفي كتبهم، هذا العلم الباطن الذي هو تعبيرٌ آخر عن ما يسمَّى بالعلم اللدني، أو علم الحقيقة، ليس هو العلم الذي بين أيدينا، ليس هو البخاري، ولا مسند الإمام أحمد، ولا كتب الفقه المعروفة أبداً.

ولذلك قلتُ: إنَّ معرفتنا بمنهج المتصوفة أهمُّ مِن الردِّ التفصيلي عليهم؛ بأنَّ نقول لهم: هذا الحديث الذي استشهدتم به ضعيف، أو صحيح، أو غير ذلك، بل نقول لهم: ليس مِن منهجكم العلمي أنْ ترجعوا إلى كتب السنَّة، ولا إلى غيرها حتى تردُّوا علينا "بأنَّكم ضعفتم حديثاً، ونحن نصححه"، والخلاف يسير، ولا داعي للتكفير.

نقول: لا، أنتم مرجعكم إلى الكشف، وإلى الحال، وإلى الذوق، وإلى الوجد، وليس مرجعكم نصوص الوحي، فهذا العلم اللدني الذي تتلقونه عن طريق الكشف، أو العلم الباطن، نحن نبدأ الجدال، والنقاش بيننا وبينكم من هذه النقطة؛ نقول لكم: إمَّا أنْ تعودوا إلى الشريعة، وإمَّا أن تُصروا على أنَّ ما أنتم عليه هو الحقيقة، وهو العلم الباطن، فتأخذون حكم الباطنية، وحكم الملاحدة الذين يدَّعون ذلك.

قصة منامية لأحد أئمة الطائفة الرفاعية

وبمناسبة ادعائهم رؤية النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام -كما سبق- وأيضاً بمناسبة العلم اللدنِّي؛ أنقل قصة عن أحد أئمَّة الرفاعية، ومشايخها الكبار، الذين أخذوا عن أحمد الرفاعي مؤسس هذه الطريقة، كما أوردها صاحب كتاب طي السجل، نقرأ قصة إلباس الخرقة للشيخ علي الأحور، كما نقلها هذا الرجل، يقول مؤلف كتاب طي السجل: ' وهنا نذكر تيمُّناً قصة إلباس الخرقة للشيخ الجليل علي الأحور شيخ السيد علي الأهدل، مِن يد حضرة القطب الأعظم السيد الكبير أحمد الرفاعي رضي الله عنه، بأمر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الإمام العلامة أبو بكر الأنَّصاري في عقود اللآلئ حين ترجم للعارف الأحور ما نصه:

شيخ الشيوخ، الإمام العارف بالله، الشيخ علي الأحور بن أحمد - .. الخ النسب- أخذ في بداية أمره عن الشيخ العارف بالله عبد القادر الجيلي -يعني: الجيلاني - قدس الله سرَّه، رأى بـ " أسعر " من بلاد الجزيرة سنة ستين وخمسمائة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: يا رسول الله دلني على أحب مشايخ الوقت إليك، وأحبهم طريقة عندك لأتمسك به؟ قال عليه الصلاة والسلام: يا علي أحب مشايخ الوقت إليَّ، وأرضاهم عندي طريقة: طريقة ولدي السيد أحمد الرفاعي صاحب أم عبيدة -وأم عبيدة بلدة في جنوب العراق في البطائح التي كان يعيش فيها الرفاعي - قلت: يا رسول الله وكذلك هو -يعنى: هو أفضل المشايخ- قال: وكذلك هو، رغماً على أنفك وضحك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه، قال الأحور: فانتبهت خائفاً، مرعوباً، وقمت على قدم الإخلاص راجعاً أكر إلى أم عبيدة، فلما دخلتُ على سيدي إمام القوم، تاج الطائفة، السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه، وطلبتُ منه الخرقة؛ فقال لي: أنا وأخي عبد القادر والفقراء كلهم واحد فالزم شيخك!!! '.

أيها الإخوة: انظروا إلى تقسيمات الصوفية، هؤلاء هم الذين يفرقون الأمَّة، هذا يتبع هذا الشيخ، وهذا يتبع هذا، ولا يجوز لهذا أن يأخذ من هذا، ولا هذا يأخذ من هذا؛ فكأن المسألة شركات، ومساومات، ويحصل بينهم الغضب الشديد على أن طالباً أخذه هذا من هذا!

فالرفاعي يقول: ' الزم شيخك، قلت: لي معك خلوة، قال: فليكن، قال: فلما خلوتُ به، قلت: بالله أسألك مَن أرضى المشايخ طريقةً اليوم وأحبهم عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال -أي الرفاعي -: مَن يقال ذلك بشأنه على رغم أنفك 'يعني: نفسه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير