تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما نبوة النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنها ثابتة قبل خلق السموات والأرض وهذا حق، كما ورد في بعض الأحاديث: {كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد} 34: فعلى فرض صحة هذه الأحاديث؛ نقول: نعم نبوة النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابته؛ لأنَّ الله عز وجل: {كتب في اللوح المحفوظ كل شيءٍ قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة} 35، كما في الحديث الصحيح، ومما كُتب أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيكون نبيّاً وسيبعث، فإثبات النبوة شيء، وإثبات أنه أول من خُلق - كما يقول هؤلاء الخرافيون - شيءٌ آخر.

4 - الاحتفال بالمولد عند الخرافيين

ونعود فنؤكد أن وراء غلو الصوفية في النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما يدَّعونه من المعجزات، وما يضعونه ويفترونه على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى السنَّة، والسيرة من هذه الأكاذيب والمخترعات والخزعبلات، إنما قصدهم بذلك إثبات هذه الأكاذيب والخزعبلات للأولياء بدعوى أنما كان للنَّبيِّ من معجزة فهو للوليِّ كرامة، وهذه دعوى خبيثة.

ولو نظرنا إلى المولد -أيضاً- لوجدنا اعتناءهم بمولد النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الذي أسسه العبيديون الزنادقة الباطنية، فهم أول من أسَّسه.

لو نظرنا إلى اهتمامهم بالمولد لرأينا أنهم يستمدون منه الاهتمام بموالد أئمتهم، وسادتهم، بل قد يعتقدون أن موالد أئمتهم وسادتهم وأصحاب طرقهم أعظم مِن المولد الذي يقيمونه للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى أن المولد -نفسه- إنما يقيمونه لهذا الغرض، ولو شئتم لقرأتُ عليكم ما نقله كتاب طبقات الشعراني عن مولد البدوي -سيِّدهم- مِن مصر الذي يقال له: أحمد البدوي يقول الشعراني:

'قلت: وسبب حضوري مولده كلَّ سنَة أن شيخي العارف بالله تعالىمحمد الشنَّاوي رضي الله عنه أحد أعيان بيته -رحمه الله- قد كان أخذ عليَّ العهد بالقبة تجاه وجه سيدي أحمد رضي الله عنه، وسلمني إليه بيده، فخرجت اليدُ الشريفة إلى الضريح! وقبضتْ على يدي، وقال: سيدي يكون خاطرك عليه، واجعله تحت نظرك، فسمعتُ سيدي أحمد رضي الله عنه مِن القبر يقول: نعم!! '

أقول: أحمد البدوي توفي قبل الشعراني بحوالي ثلاثمائة سنة! سمعه من القبر يقول: نعم، وأخرج يده، وبايعه.

يقول: 'ثم إني رأيتُه بمصر مرة أخرى هو وسيدي عبد العال، وهو يقول: زرنا بطندتا -وهي: طنطا - ونحن نطبخ لك ملوخية ضيافتك، فسافرت، فأضافني غالب أهله، وجماعة المقام ذلك اليوم كلهم بطبيخ الملوخية'.

يقول: 'ثم رأيته بعد ذلك وقد أوقفنى على جسر "قحافة" تجاه طندتا، وجدته سوراً محيطاً، وقال: قف هنا، أدخل عليَّ من شئت وامنع من شئت'.

أقول: الجسر تحول إلى سور عريض ويقول له: أنت هنا، كل مَن يحضر المولد: أدخل من أردت، وامنع مَن أردت مِن حضور المولد.

يقول: 'ولما دخلتُ بزوجتي فاطمة أم عبد الرحمن، وهي بكر، مكثت خمسة شهور لم أقرب منها، فجاءني وأخذني وهي معي، وفرش لي فرشاً فوق ركن القبة التي على يسار الداخل، وطبخ لي حلوى، ودعا الأحياء والأموات إليه، وقال: أزل بكارتها هنا!! فكان الأمر تلك الليلة .. ' إلى أن يقول:

'وتخلفتُ عن ميعاد حضوري للمولد سنة أربع وثمانين وتسعمائة، وكان هناك بعض الأولياء فأخبرني أنَّ سيدي أحمد رضي الله عنه كان ذلك اليوم يكشف الستر عن الضريح، ويقول: أبطأ عبد الوهاب ما جاء - يعني: هو الشعراني فاسمه عبد الوهاب -وأردت التخلف سنَةً من السنين- يعني: عن المولد - فرأيت سيدي أحمد رضي الله عنه ومعه جريدة خضراء وهو يدعو الناس من سائر الأقطار، والنَّاس خلفه، ويمينه، وشماله، أمم وخلائق لا يحصون، فمر عليَّ وأنا بمصر، فقال: أما تذهب؟

فقلت: بي وجع، فقال: الوجع لا يمنع المحب، ثم أراني خلقاً كثيراً مِن الأولياء وغيرهم الأحياء والأموات من الشيوخ والزَّمنى، بأكفانهم يمشون، ويزحفون معه يحضرون المولد، ثم أراني جماعة من الأسرى جاءوا من بلاد الإفرنج مقيَّدين، مغلولين، يزحفون على مقاعدهم.

فقال: انظر إلى هؤلاء في هذا الحال ولا يتخلفون، فقويَ عزمي على الحضور.

فقلت له: إن شاء الله تعالى نحضر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير