تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نبدأ بالحديث عن تعلقهم بالمولد، وتعظيمهم له لا من حيث أن المولد هو القضية في ذاتها فحسب كما أسلفنا؛ وإنما من حيث دلالته على منهج هؤلاء، وعلى ضلالهم، وعلى ما يأتي فيه من الخرافات والشركيَّات التي إذا ربطناها بأصل التصوف السابق عرفنا أن القوم حقاً يستقون مِن معين الثيوصوفية، ومِن معين الأفكار الفلسفيَّة الوثنيَّة، ومِن معين الخرافات النصرانية والمجوسيَّة التي هي بعيدة كل البعد عن الإسلام، وليس عليها دليل مِن كتاب الله، ولا مِن سنَّة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

و المالكي ينكر أن القيام في المولد سببه ادَّعاء رؤية النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقول: نحن لا نقف مِن أجل ذلك، لكنني أؤكد وأقول: إنَّ مَن حضر المولد ممن هداهم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ومِن النَّاس الآخرين الذين حضروا لغرض أن يروا ما فيه ودعوا إلى ذلك، أكدَّوا، وأخبروا أن هؤلاء يقولون: جاء الرسول، جاء الرسول!! وعلى أية حال مهما أنكر المالكي وقال هو وأصحابه ما قالوا؛ فنحن نقرأ ما ذكره هو بنفسه في كتاب الذخائر صفحة [107] ليُرى الحق بإذن الله تعالى: يقول في العنوان: ' صلوات مأثورة لرؤية الحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

نقل الشيخ الغزالي في الإحياء عن بعض العارفين نقلاً عن العارف المرسي -رضي الله عنه- أنَّ مَن واظب على الصلاة، وهي: "اللهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمَّدٍ عبدك ونبيك ورسولك النَّبيِّ الأمِّيِّ وعلى آله وصحبه وسلم" في اليوم والليلة خمسمائة مرة لا يموت حتى يجتمع بالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقظة!!

ونقل عن الإمام اليافعي 36 في كتابه بستان الفقراء أنه ورد عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: مَن صلَّى عليَّ يوم الجمعة ألف مرة بهذه الصلاة: "اللهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمَّد النَّبيِّ الأمِّيِّ" فإنَّه يرى ربَّه في ليلته، أو نبيَّه، أو منزلتَه في الجنَّة، فإن لم يرَ فليفعل ذلك في جمعتين، أو ثلاثٍ، أو خمسٍ، وفي رواية: زيادة: "وعلى آله وصحبه وسلِّم".

وفي كتاب الغنية للقطب الربَّاني سيدي عبد القادر الجيلاني عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من صلى ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعةٍ فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة، وخمسة عشر مرة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ويقول في آخر صلاته ألف مرة: "اللهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمَّد النَّبيِّ الأمِّيِّ فإنَّه يراني في المنام ولا تتم له الجمعة الأخرى إلا وقد رآني، فمن رآني فله الجنة، وغفر له ما تقدم مِن ذنبه، وما تأخر} '.

أقول: هذا الكلام ذكره محمد علوي مالكي في الذخائر بهذا العنوان: [صلوات مأثورة لرؤية الحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] نحن نسأله، ونسأل أتباعه: هل أنتم تشتاقون لرؤية الحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هم يقولون: إنَّهم أشد الناس حبّاً له، وتعظيماً، وشوقاً إليه. أيضاً نسألهم سؤالاً آخر: هل أنتم ممن يعمل بما يعلم؟ فيقولون: نعم، كل شيءٍ نراه مِن السنَّة، ومن الحق نعمل به؛ فنقول: لابد أنَّكم عملتم بهذا الكلام، أنتم مشتاقون إلى الرسول بزعمكم، وتعملون بما تعلمون، وتكتبون فلابد أنكم عملتم بهذا.

فلذلك الذي يدخل معهم، ويتقرب إليهم، ويقدِّسهم، ويبجِّلهم إنَّما يفعل ذلك اعتقاداً أنهم عملوا هذه الصلوات، وحصلت لهم الرؤية كما يصدر عنهم من أقوال أو أعمال أو نصائح أو مشورة؛ فليس مِن عند ذاتهم، وإنما في إمكانهم أن يأخذوه عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مباشرة.

أقول هذا الكلام ليؤكد الحقيقة السابقة وهي أنَّ المسألة ليست مسألة نقاش علمي في أنَّهم يصحِّحون حديثاً نحن ضعفناه، أو قلنا: إنه موضوع؛ أبداً! ليست القضية بهذا الشكل، القضية أنَّهم يرجعون مباشرةً بزعمهم إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيأخذون منه، ونحن نجهد أنفسنا في البحث عن الرجال، والتنقيب في الجرح والإسناد والتعديل إلى غير ذلك، وهم يأخذون مباشرة! -بزعمهم- ومِن أسباب الأخذ المباشر هو حضور النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليتَلَقَّوا عنه المولد، فيقيمونه لهذا الغرض، وأنبِّه مرة أخرى -وقد سبق تكرار هذا- أنني لا أعني

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير