تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا ينقص بذلك وإنما ينقص بالاخلال بواجب حق الاستقامة

فتعلم هذا لأنه أصل كبير للطالبين والعلماء الزاهدين ومشايخ الصوفية

فصل كلمات الله تعالى نوعان كلمات كونية وكلمات دينية

فكلماته الكونية هى التى استعاذ بها النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله أعوذ بكلمات الله التامات التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر وقال سبحانه إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون وقال تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا والكون كله يدخل تحت هذه الكلمات وسائر الخوارق الكشفية التأثيرية

و النوع الثانى الكلمات الدينية وهى القرآن وشرع الله الذى بعث به رسوله وهى أمره ونهيه وخبره وحظ العبد منها العلم بها والعمل والأمر بما أمر الله به كما أن حظ العبد عموما وخصوصا من الأول العلم بالكونيات والتأثير فيها أى بموجبها

فالأولى قدرية كونية والثانية شرعة دينية وكشف الأولى العلم بالحوادث الكونية وكشف الثانية العلم بالمأمورات الشرعية وقدرة الأولى التأثير فى الكونيات وقدرة الثانية التأثير فى الشرعيات وكما أن الأولى تنقسم إلى تأثير فى نفسه كمشيه على الماء وطيرانه فى الهواء وجلوسه على النار وإلى تأثير فى غيره باسقام وإصحاح وأهلاك وإغناء وافقار فكذلك الثانية تنقسم إلى تأثير فى نفسه بطاعته لله ورسوله والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله باطنا وظاهرا وإلى تأثير فى غيره بأن يأمر بطاعة الله ورسوله فيطاع فى ذلك طاعة شرعية بحيث تقبل النفوس ما يأمرها به من طاعة الله ورسوله فى الكلمات الدينيات كما قبلت من الأول ما أراد تكوينه فيها بالكلمات الكونيات

وإذا تقرر ذلك فاعلم ان عدم الخوارق علما وقدرة لا تضر المسلم فى دينه فمن لم ينكشف له شىء من المغيبات ولم يسخر له شىء من الكونيات ولا ينقصه ذلك فى مرتبته عند الله بل قد يكون عدم ذلك انفع له فى دينه إذا لم يكن وجود ذلك فى حقه مأمورا به امر إيجاب ولا استحباب واما عدم الدين والعمل به فيصير الانسان ناقصا مذموما اما ان يجعله مستحقا للعقاب واما ان يجعله محروما من الثواب وذلك لأن العلم بالدين وتعليمه والأمر به ينال به العبد رضوان الله وحده وصلاته وثوابه وأما العلم بالكون والتأثير فيه فلا ينال به ذلك إلا إذا كان داخلا فى الدين بل قد يجب عليه شكره وقد يناله به إثم

وإذا عرف هذا فالأقسام ثلاثة اما ان يتعلق بالعلم والقدرة أو بالدين فقط أو بالكون فقط

فالأول كما قال لنبيه وقل رب ادخلنى مدخل صدق وإخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا فان السلطان النصير يجمع الحجة والمنزلة عند الله وهو كلماته الدينية والقدرية والكونية عند الله بكلماته الكونيات ومعجزات الأنبياء عليهم السلام تجمع الأمرين فانها حجة على النبوة من الله وهى قدرية وابلغ ذلك القرآن الذى جاء به محمد فانه هو شرع الله وكلماته الدينيات وهو حجة محمد على نبوته ومجيئه من الخوارق للعادات فهو الدعوة وهو الحجة والمعجزة

واما القسم الثانى فمثل من يعلم بما جاء به الرسول خبرا وأمرا ويعمل به ويأمر به الناس ويعلم بوقت نزول المطر وتغير السعر وشفاء المريض وقدوم الغائب ولقاء العدو وله تأثير إما فى الأناسى واما فى غيرهم باصحاح واسقام واهلاك أو ولادة أو ولاية أو عزل وجماع التأثير أما جلب منفعة كالمال والرياسة واما دفع مضرة كالعدو والمرض اولا واحد منهما مثل ركوب اسد بلا فائدة أو اطفاء نار ونحو ذلك

و اما الثالث فمن يجتمع له الأمران بأن يؤتى من الكشف والتأثيرالكونى ما يؤيد به الكشف والتأثير الشرعى وهو علم الدين والعمل به والأمر به ويؤتى من علم الدين والعمل به ما يستعمل به الكشف والتأثير الكونى بحيث تقع الخوارق الكونية تابعة للاوامر الدينية أو ان تخرق له العادة فى الأمور الدينية بحيث ينال من العلوم الدينية ومن العمل بها ومن الأمر بها ومن طاعة الخلق فيها وما لم ينله غيره فى مطرد العادة فهذه أعظم الكرامات والمعجزات وهو حال نبينا محمد وأبى بكر الصديق وعمر و كل المسلمين

فهذا القسم الثالث هو مقتضى اياك نعبد واياك نستعين إذ الاول هو العبادة والثانى هو الاستعانة وهو حال نبينا محمد والخواص من أمته

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير