تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المتمسكين بشرعته ومنهاجه باطنا وظاهرا فان كراماتهم كمعجزاته لم يخرجها الا لحجة أو حاجة فالحجة ليظهر بها دين الله ليؤمن الكافر ويخلص المنافق ويزداد الذين آمنوا إيمانا فكانت فائدتها اتباع دين الله علما وعملا كالمقصود بالجهاد والحاجة كجلب منفعة يحتاجون إليها كالطعام والشراب وقت الحاجة إليه أو دفع مضرة عنهم ككسر العدو بالحصى الذى رماهم به فقيل له وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وكل من هذين يعود إلى منفعة الدين كالأكل والشراب وقتال العدو والصدقة على المسلمين فان هذا من جملة الدين والأعمال الصالحة

وأما القسم الأول وهو المتعلق بالدين فقط فيكون منه ما لا يحتاج الى الثانى ولا له فيه منفعة كحال كثير من الصحابة والتابعين وصالحى المسلمين وعلمائهم وعبادهم مع أنه لابد ان يكون لهم حاجة أو انتفاعا بشىء من الخوراق وقد يكون منهم من لا يستعمل أسباب الكونيات ولا عمل بها فانتفاء الخارق الكونى فى حقه إما لانتفاء سببه وإما لانتفاء فائدته وانتفاؤه لانتفاء فائدته لا يكون نقصا وأماانتفاؤه لانتفاء سببه فقد يكون نقصا وقد لا يكون نقصا فان كان لاخلاله بفعل واجب وترك محرم كان عدم الخارق نقصا وهو سبب الضرر وان كان لاخلاله بالمستحبات فهو نقص عن رتبة المقربين السابقين وليس هو نقصا عن رتبة اصحاب اليمين المقتصدين وان لم يكن كذلك بل لعدم اشتغاله بسبب بالكونيات التى لا يكون عدمها ناقصا لثواب لم يكن ذلك نقصا مثل من يمرض ولده ويذهب ماله فلا يدعو ليعافى أو يجىء ماله أو يظلمه ظالم فلا يتوجه عليه لينتصر عليه

وأما القسم الثانى وهو صاحب الكشف والتأثير الكونى فقد تقدم انه تارة يكون زيادة فى دينه وتارة يكون نقصا وتارة لا له ولا عليه وهذا غالب حال أهل الاستعانة كما ان الأول غالب حال أهل العبادة

وهذا الثانى بمنزلة الملك والسلطان الذى قد يكون صاحبه خليفة نبيا فيكون خير أهل الأرض وقد يكون ظالما من شر الناس وقد يكون ملكا عادلا فيكون من أوساط الناس فان العلم بالكونيات والقدرة على التأثير فيها بالحال والقلب كالعلم باحوالها والتأثير فيها بالملك وأسبابه فسلطان الحال والقلب كسلطان الملك واليد إلا أن اسباب هذا باطنة روحانية وأسباب هذا ظاهرة جثمانية وبهذا تبين لك أن القسم الأول إذا صح فهو أفضل من هذا القسم وخير عند الله وعند رسوله وعباده الصالحين المؤمنين العقلاء

وذلك من وجوه

أحدها أن علم الدين طلبا وخبرا لا ينال إلا من جهة الرسول وأما العلم بالكونيات فأسبابه متعددة وما اختص به الرسل وورثتهم أفضل مما شركهم فيه بقية الناس فلا ينال علمه إلا هم وأتباعهم ولا يعلمه إلا هم وأتباعهم

الثانى ان الدين لا يعمل به إلا المؤمنون الصالحون الذين هم أهل الجنة واحباب الله وصفوته وأحباؤه وأولياؤه ولا يأمر به إلا هم

وأما التأثير الكونى فقد يقع من كافر ومنافق وفاجر تأثيره فى نفسه وفى غيره كالأحوال الفاسدة والعين والسحر وكالملوك والجبابرة المسلطين والسلاطين الجبابرة وما كان من العلم مختصا بالصالحين أفضل مما يشترك فيه المصلحون والمفسدون

الثالث ان العلم بالدين والعمل به ينفع صاحبه فى الآخرة ولا يضره واما الكشف والتأثير فقد لا ينفع فى الآخرة بل قد يضره كما قال تعالى ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون

الرابع ان الكشف والتأثير إما ان يكون فيه فائدة أو لا يكون فان لم يكن فيه فائدة كالاطلاع على سيئات العباد وركوب السباع لغير حاجة والاجتماع بالجن لغير فائدة والمشى على الماء مع امكان العبور على الجسر فهذا لا منفعة فيه لا فى الدنيا ولا فى الآخرة وهو بمنزلة العبث واللعب و إنما يستعظم هذا من لم ينله وهو تحت القدرة والسلطان فى الكون مثل من يستعظم الملك أو طاعة الملوك لشخص وقيام الحالة عند الناس بلا فائدة فهو يستعظمه من جهة سببه لا من جهة منفعته كالمال والرياسة ودفع مضرة كالعدو والمرض فهذه المنفعة تنال غالبا بغير الخوارق أكثر مما تنال بالخوارق ولا يحصل بالخوارق منها إلا القليل ولا تدوم الا بأسباب اخرى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير