تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ألا تراه صلى الله عليه وسلم لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه قال الشبلي لتلميذه أشهد أني رسول الله وكان التلميذ صاحب كشف فعرفه، فقال: أشهد أنك رسول الله، وهذا أمر غير منكور وهو كما يرى النائم فلان في صورة فلان. وأقل مراتب الكشف أن يسوغ به في اليقظة ما يسوغ به اليقظة ما يسوغ به في النوم، ولكن بين النوم والكشف فرقاً وهو أن الصورة التي يرى فيها محمد صلى الله عليه وسلم في النوم لا يوقع اسمها في اليقظة على الحقيقة المحمدية، لأن عالم المثال يقع التعبير فيه

الصورة في اليقظة، بخلاف الكشف فإنه إذا كشف لك عن الحقيقة المحمدية أنها متجلية في صورة من صور الآدميين، فيلزمك إيقاع اسم تلك الصورة على الحقيقة المحمدية، ويجب عليك أن تتأدب مع صاحب تلك الصورة تأدبك مع محمد صلى الله عليه وسلم. لما أعطاك الكشف أن محمداً صلى الله عليه وسلم متصور بتلك الصورة، فلا يجوز لك بعد شهود محمد صلى الله عليه وسلم فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها به من قبل، ثم إياك أن تتوهم شيئاً في قولي من مذهب التناسخ، حاشا لله وحاشا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك مرادي، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم له من التمكين في التصور بكل صورة حتى يتجلى في هذه الصورة، وقد جرت سنته صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يتصور في كل زمان بصورة أكملها ليعلي شأنهم ويقيم ميلانهم، فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم" أ. هـ

ثم يستطرد الجيلي حسب اعتقاده مبيناً كيف يكون محمد صلى الله عليه وسلم إنساناً كاملاً، وإلهاً تحققت فيه كل مظاهر الربوبية والألوهية وتجلت فيه كل أسماء الله وصفاته ..

ولما كان الله عند الجيلي ومن على طريقته من هؤلاء الزنادقة الملحدين هو هذه المخلوقات لا غير .. استطرد الجيلي مبيناً أن الكون الوجود في كل شيء منه مقابل للذات المحمدية. ففي ذات الرسول شبيه العرش والكرسي، والسماوات والأرض والملائكة والحيوان والنبات والجماد .. وسائر الموجودات التي هي في حقيقتها عند الجيلي هي الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً ..

يقول الجيلي شارحاً ذلك:

"واعلم أن الإنسان الكامل مقابل لجميع الحقائق الوجودية بنفسه.

فيقابل الحقائق العلوية بلطافته، ويقابل الحقائق السفلية بكثافته، فأول ما يبدو في مقابلته للحقائق الخلقية يقابل العرش بقلبه، قال صلى الله عليه وسلم (قلب المؤمن من عرش الرحمن)، ويقابل الكرسي بآنيته، ويقابل سدرة المنتهى بمقامه، ويقابل القلم الأعلى بعقله، ويقابل اللوح المحفوظ بنفسه، ويقابل العناصر بطبعه، ويقابل الهيولي بقابليته، ويقابل الهباء بحيز هيكله، ويقابل الفلك الأطلس برأيه، ويقابل الفلك المكوكب بمدركته، ويقابل السماء الخامسة بهمته، ويقابل السماء الرابعة بفهمه، ويقابل السماء الثالثة بخياله، ويقابل السماء الثانية بفكره، ويقابل السماء الأولى بحافظته، ثم يقابل زحل بالقوى اللامسة، ويقابل المشتري بالقوى الدافعة، ويقابل المريخ بالقوى المحركة، ويقابل الشمس بالقوى الناظرة، ويقابل الزهرة بالقوى المتلذذة، ويقابل عطارد بالقوى الشامة، ويقابل القمر بالقوى السامعة، ثم يقابل فلك النار بحرارته، ويقابل فلك الماء ببرودته، ويقابل فلك الهواء برطوبته، ويقابل فلك التراب بيبوسته، ثم يقابل الملائكة بخواطره، ويقابل الجن والشياطين بوسواسه، ويقابل البهائم بحيوانيته، ويقابل الأسد بالقوى الباطشة، ويقابل الثعلب بالقوى الماكرة، ويقابل الذئب بالقوى الخادعة، ويقابل القرد بالقوى الحاسدة، ويقابل الفأر بالقوى الحريصة، وقس على ذلك باقي قواه، ثم إنه يقابل النار بالمادة الصفراوية، ويقابل الماء بالمادة البلغمية، ويقابل الريح بالمادة الدموية، ويقابل التراب بالمادة السوداوية، ثم يقابل السبعة أبحر بريقه ومخاطه وعرقه ونقاء أذنه ودمعه وبوله والسامع المحيط، وهو المادة الجارية بين الدم والعرق والجلد، منها تتفرع تلك الستة، ولكل واحد طعم، فحلو وحامض، ومر وممزوج، ومالح ونتن وطيب، ثم يقابل الجوهر بهويته وهي ذاته، ويقابل العرض بوصفه، ثم يقابل الجمادات بأنيابه، فإن الناب إذا بلغ وأخذ حده في البلوغ بقي شبه الجمادات لا يزيد ولا ينقص وإذا كسرته لا يلتحم بشيء، ثم يقابل النبات بشعره وظفره، ويقابل الحيوان بشهوانيته، ويقابل مثله من الآدميين ببشريته وصورته،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير