تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويعني بالقربة الإلهية حديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في مسند أحمد: رأيت ربي الليلة في أحسن صورة فقال لي يا محمد: [فيم يختصم الملأ الأعلى] فقلت: [الله أعلم] فوضع رب العزة يده على ظهري حتى وجدت بردها في صدري فرأيت السماوات فقلت: [يا ربي في الكفارات والدرجات .. ] الحديث. ويعني ابن عربي بذلك أنه كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم ارتفع عنه الحجاب عندما وضع يده سبحانه على الكيفية التي شاءها سبحانه -على ظهر النبي فرأى النبي لذلك الملأ الأعلى وهم الملائكة- يختصمون أي يتناقشون في الكفارات والدرجات أي ما يكفر الذنوب لبني آدم، وما يعلي درجاتهم فقال الله سبحانه وتعالى مجيباً بعد رؤيته للملائكة وسماعه لحديثهم أما الكفارات فهي إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة .. وأما الدرجات فهي إطعام الطعام وإلانة في الكلام والصلاة بالليل والناس نيام ..

أقول أراد ابن عربي أن يجعل للصوفية ما خص الله به الأنبياء من الرؤيا الصادقة في النوم والاطلاع على ما في السماوات من الملأ الأعلى والملائكة فزعم أنه يكون للولي الصوفي كذلك ما كان للنبي من كشف قناع قلبه ورؤيته للملأ الأعلى.

ولم يكتف ابن عربي بهذا أيضاً بل زعم لنفسه وجماعته الصوفية ما لم يعلمه رسل الله أنفسهم وعلى رأسهم سيدهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم فقد زعم أن الصوفية أحياناً ينزل عليهم الوحي مكتوباً من السماء.

وأنه أعني ابن عربي يعلم الفرق بين ما في اللوح المحفوظ من كتابه وما يكتبه المخلوقون وبذلك يستطيع أن يفرق بين المكتوب النازل من السماء والمكتوب في الأرض .. قلت لم يقل نبي قط ولا أخبرنا الله سبحانه وتعالى أن هناك بشراً اطلع على ما في اللوح المحفوظ ولكن العجيب أن هؤلاء يزعمون العلم والإحاطة به. بل نقل الشعراني في كتابه الطبقات الكبرى عن شيخه الخواص أنه كان يعلم ما يكتب في اللوح المحفوظ ساعة بساعة .. وزعم أحمد بن المبارك أن شيخه الأمي عبد العزيز الدباغ يعلم اللوح المحفوظ ويعلم كتابته وأنه بالسريانية! والمهم هنا أن ابن عربي يقرر في فتوحاته أن وحي الأولياء كثيراً ما ينزل مكتوباً كما نزلت التوراة مكتوبة ..

يقول الشعراني عن شيخه:

"وقد يكون ذلك كتابة ويقع هذا كثيراً للأولياء وبه كان يوحى لأبي عبدالله قضيب البان، وغيره، كبقي بن مخلد تلميذ الإمام أحمد رضي الله عنه لكنه أضعف الجماعة في ذلك فكان لا يجده إلا بعد القيام من النوم مكتوباً في ورقة انتهى (فإن قلت) فما علامة كون تلك الكتابة التي في الورقة من عند الله عز وجل حتى يجوز للولي العمل بها (فالجواب) أن علامتها كما قال الشيخ في الباب الخامس عشر وثلاثمائة أن تلك الكتابة تقرأ من كل ناحية على السواء لا تتغير كلما قلبت الورقة انقلبت الكتابة لانقلابها. قال الشيخ: وقد رأيت ورقة نزلت على فقير في المطاف يعتقه من النار على هذه الصفة فلما رآها الناس علموا أنها ليست من كتابة المخلوقين فإن وجدت تلك العلامة فتلك الورقة من الله عز وجل لكن لا يعمل بها إلا إن وافقت الشريعة التي بين أظهرنا.

قال: وكذلك وقع لفقيرة من تلامذتنا أنها رأت في المنام أن الحق تعالى أعطاها ورقة فانطبقت كفها حين استيقظت فلم يقدر أحد على فتحها فألهمني الله تعالى أني قلت لها إنوِ بقلبك أنه إذا فتح الله كفك أن تبتلعيها فنوت وقربت يدها إلى فمها فدخلت الورقة في فيها قهراً عليها فقال الولي بم عرفت ذلك فقلت ألهمت أن الله تعالى لم يرد منها أن يطلع أحد عليها وقد أطلعني الله تعالى على الفرق بين كتابة الله تعالى في اللوح المحفوظ وغيره وبين كتابة المخلوقين وهو علم عجيب رأيناه وشاهدناه انتهى (اليواقيت والجواهر ص83،84 ج2) ..

فانظر هذا الوحي الإلهي لهذه المريدة العزيزة الذي نزل في يدها وانطبقت عليه ثم ابتلعته .. وإن العالم النحرير والشيخ الكبير عرف بالكشف مراد الله فقال ابتلعيها .. الخ .. سبحانك يا رب لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير