تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقيل تأولت عائشة أنها أم المؤمنين وأن أمهم حيث كانت فكأنها مقيمة بينهم وأن عثمان كان إمام المسلمين فحيث كان فهو منزله أو أنه كان قد عزم على الاستيطان بمنى أو أنه كان قد تأهل بها ومن تأهل بلد لم يثبت له حكم المسافر أو أن الأعراب كانوا قد كثروا في ذلك الموسم فأحب أن يعلمهم فرض الصلاة وأنه أربع أو غير ذلك من التأويلات التي ظناها أدلة مقيدة لمطلق القصر الصواعق المرسلة [جزء 1 - صفحة 187]

أو مخصصة لعمومه وإن كانت كلها ضعيفة والصواب هدي رسول الله فإنه كان إمام المسلمين وعائشة أم المؤمنين في حياته وبعد وفاته وقد قصرت معه ولم يكن عثمان ليقيم بمكة وقد بلغه أن رسول الله إنما رخص بها للمهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا والمسافر إذا تزوج في طريقه لم يثبت له حكم الإقامة بمجرد التزوج مالم يزمع الإقامة وقطع السفر

وبالجملة فالتأويل الذي يوافق ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة ويطابقها هو التأويل الصحيح والتأويل الذي يخالف ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة هو التأويل الفاسد ولا فرق بين باب الخبر والأمر في ذلك وكل تأويل وافق ما جاء به الرسول فهو المقبول وما خالفه فهو المردود فالتأويل الباطل أنواع

أحدها مالم يحتمله اللفظ بوضعه كتأويل قوله حتى يضع رب العزة عليها رجله بأن الصواعق المرسلة [جزء 1 - صفحة 188]

الرجل جماعة من الناس فإن هذا لا يعرف في شيء من لغة العرب البتة

الثاني مالم يحتلمه اللفظ ببنيته الخاصة من تثنية أو جمع وإن احتمله مفردا كتأويل قوله لما خلقت بيدي ص75 بالقدرة

الثالث مالم يحتمله سياقه وتركيبه وإن احتمله في غير ذلك السياق كتأويل قوله هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك الأنعام158 الصواعق المرسلة [جزء 1 - صفحة 189]

بأن إتيان الرب إتيان بعض آياته التي هي أمره وهذا يأباه السياق كل الإباء فإنه يمتنع حمله على ذلك مع التقسيم والترديد والتنويع

وكتأويل قوله إنكم ترون ربكم عيانا كما ترون القمر ليلة البدر صحوا ليس دونه سحاب وكما ترون الشمس في الظهيرة صحوا ليس دونها سحاب فتأويل الرؤية في هذا السياق بما يخالف حقيقتها وظاهرها في غاية الامتناع وهو رد وتكذيب تستر صاحبه بالتأويل

الرابع ما لم يؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب وإن ألف في الاصطلاح الحادث وهذا موضع زلت فيه أقدام كثير من الناس وضلت فيه أفهامهم حيث تأولوا كثيرا من ألفاظ النصوص بما لم يؤلف استعمال اللفظ له في لغة العرب البتة وإن كان معهودا في اصطلاح المتأخرين وهذا مما ينبغي التنبه له فإنه حصل بسببه من الكذب على الله ورسوله ما حصل الصواعق المرسلة [جزء 1 - صفحة 190]

كما تأولت طائفة قوله تعالى فلما أفل الأنعام77 , 76

بالحركة وقالوا استدل بحركته على بطلان ربوبيته ولا يعرف في اللغة التي نزل بها القرآن أن الأفول هو الحركة البتة في موضع واحد

وكذلك تأويل الأحد بأنه الذي لا يتميز منه شيء عن شيء البتة ثم قالوا لو كان فوق العرش لم يكن أحدا فإن تأويل الأحد بهذا المعنى لا يعرفه أحد من العرب ولا أهل اللغة ولا يعرف استعماله في لغة القوم في هذا المعنى في موضع واحد أصلا وإنما هو اصطلاح الصواعق المرسلة [جزء 1 - صفحة 191]

الجهمية والفلاسفة والمعتزلة ومن وافقهم

وكتأويل قوله ثم استوى على العرش الأعراف54

بأن المعنى أقبل على خلق العرش فإن هذا لا يعرف في لغة العرب بل ولا غيرها من الأمم أن من أقبل على الشيء يقال قد استوى عليه ولا يقال لمن أقبل على الرحل قد استوى عليه ولا لمن أقبل على عمل من الأعمال من قراءة أو كتابة أو صناعة قد استوى عليها ولا لمن أقبل على الأكل قد استوى على الطعام فهذه لغة القوم وأشعارهم وألفاظهم موجودة ليس في شيء منها ذلك البتة

وهذا التأويل يبطل من وجوه كثيرة سنذكرها في موضعها لو لم يكن منها إلا تكذيب رسول الله الصواعق المرسلة [جزء 1 - صفحة 192]

لصاحب هذا التأويل لكفاه فإنه قد ثبت في الصحيح أن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء فكان العرش موجودا قبل خلق السموات والأرض بأكثر من خمسين ألف سنة فكيف يقال إنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم أقبل على خلق العرش

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير