تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت فان قال أنه على العرش استوى ولكنه يقول لا أدرى العرش فى السماء أم فى الأرض قال هو كافر لأنه أنكر أن يكون فى السماء لأنه تعالى فى اعلى عليين وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل وفى لفظ سألت أبا حنيفة عمن يقول لا أعرف ربى فى السماء أم فى الأرض قال قد كفر قال لأن الله يقول الرحمن على العرش استوى وعرشه فوق سبع سموات قال فانه يقول على العرش استوى ولكن لا يدرى العرش فى الأرض أو فى السماء قال اذا أنكر أنه فى السماء فقد كفر

فى هذا الكلام المشهور عن أبى حنيفة عند اصحابه أنه كفر الواقف الذى يقول لا أعرف ربى فى السماء أم فى الأرض فكيف يكون الجاحد النافى الذى يقول ليس فى السماء أو ليس فى السماء ولا فى الأرض واحتج على كفره بقوله الرحمن على العرش استوى قال وعرشه فوق سبع سموات

وبين بهذا أن قوله تعالى الرحمن على العرش استوى يبين أن الله فوق السماوات فوق العرش وان الاستواء على العرش دل على أن الله بنفسه فوق العرش

ثم أنه اردف ذلك بتكفير من قال انه على العرش استوى ولكن توقف فى كون العرش فى السماء أم فى الأرض قال لأنه أنكر أنه فى السماء لأن الله فى أعلى عليين وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل

وهذا تصريح من أبى حنيفة بتكفير من أنكر أن يكون الله فى السماء واحتج على ذلك بأن الله فى أعلى عليين وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل وكل من هاتين الحجتين فطرية عقلية فان القلوب مفطورة على الاقرار بأن الله فى العلو وعلى أنه يدعى من أعلى لا من أسفل وقد جاء اللفظ الآخر صريحا عند بذلك فقال اذا أنكر أنه فى السماء فقد كفر

وروى هذا اللفظ باسناد عنه شيخ الإسلام أبو اسماعيل الانصارى الهروى فى كتاب الفاروق وروى أيضا ابن أبى حاتم ان هشام بن عبيدالله الرازى صاحب محمد بن الحسن قاضى الرى حبس رجلا فى التجهم فتاب فجىء به الى هشام ليطلقه فقال الحمد لله على التوبة فامتحنه هشام فقال أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه فقال أشهد أن الله على عرشه ولا أدرى ما بائن من خلقه فقال ردوه الى الحبس فإنه لم يتب

وروى ايضا عن يحيى بن معاذ الرازى أنه قال ان الله على العرش بائن من الخلق وقد أحاط بكل شىء علما وأحصى كل شىء عددا لا يشك فى هذه المقالة الا جهمى ردىء ضليل وهالك مرتاب يمزج الله بخلقه ويخلط منه الذات بالأقذار والأنتان

وروى أيضا عن ابن المدينى لما سئل ما قول أهل الجماعة قال يؤمنون بالرؤية والكلام وان الله فوق السماوات على العرش استوى فسئل عن قوله ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم فقال اقرأ ما قبلها ألم تر أن الله يعلم ما فى السموات وما فى الأرض

وروى ايضا عن ابى عيسى الترمذى قال هو على العرش كما وصف فى كتابه وعلمه وقدرته وسلطانه فى كل مكان

وروى عن أبى زرعة الرازى أنه لما سئل عن تفسير قوله الرحمن على العرش استوى فقال تفسيره كما يقرا هو على العرش وعلمه فى كل مكان ومن قال غير هذا فعليه لعنة الله

وروى أبو القاسم اللالكائى الحافظ الطبرى صاحب أبى حامد الاسفرائينى فى كتابه المشهور فى أصول السنة باسناده عن محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة قال اتفق الفقهاء كلهم من المشرق الى المغرب على الايمان بالقرآن والأحاديث التى جاء بها الثقات عن رسول الله فى صفة الرب عز وجل من غيرتفسير ولا وصف ولا تشبيه فمن فسر اليوم شيئا منها فقد خرج مما كان عليه النبى وفارق الجماعة فانهم لم يصفوا ولم يفسروا ولكن افتوا بما فى الكتاب والسنة ثم سكتوا فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة لأنه قد وصفه بصفة لا شىء

محمد بن الحسن أخذ عن ابى حنيفة ومالك وطبقتهما من العلماء وقد حكى هذا الاجماع وأخبر أن الجهمية تصفه بالأمور السلبية غالبا أو دائما وقوله من غير تفسير اراد به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون من الاثبات مجموع الفتاوى [جزء 5 - صفحة 51]

وروى البيهقى وغيره باسناد صحيح عن أبى عبيد القاسم بن سلام قال هذة الاحاديث التي يقول فيها ضحك ربنا من قنوط عبادة وقرب غيرة وان جهنم لا تمتليء حتي يضع ربك فيها قدمه و الكرسي موضع القدمين وهذه الأحاديث في الرؤية هي عندنا حق حملها الثقات بعضهم عن بعض غير أنا اذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها وما أدركنا أحدا يفسرها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير