تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن المعلوم أنه عليه السلام كان يحضر في مجلسه الشريف والعالم والجاهل والذكي والبليد والأعرابي الجافي ثم لايجد شيئا يعقب تلك النصوص مما يصرفها عن حقائقها لا نصا و ظاهرا كما تأولها بعض هؤلاء المتكلمين ولم ينقل عنه عليه السلام أنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفته لربه من الفوقية واليدين ونحو ذلك ولا نقل عنه أن لهذه الصفات معاني أخر باطنة غير ما يظهر من مدلولها ولما قال للجارية أين الله فقالت في السماء لم ينكر عليها بحضرة أصحابه كي لا يتوهموا أن الأمر على خلاف ما هو عليه بل أقرها وقال أعتقها فإنها مؤمنة إلى غير ذلك من الدلائل التي يطول ذكرها ولم يقل الرسول ولا أحد من سلف الأمة يوما من الدهر هذه الآيات والأحاديث لا تعتقدوا ما دلت عليه وكيف يجوز على الله ورسوله والسلف أنهم يتكلمون دائما بما هو نص أو ظاهر في خلاف الحق ثم الحق الذي يجب اعتقاده لا يتكلمون به ولا يدلون عليه

إيثار الحق على الخلق [جزء 1 - صفحة 123]

وهذا آخر ما حصر من التحذير من الزيادة في الدين والكلام في بطلان ذلك وتحريمه وهو الامر الأول

وأما الأمر الثاني وهو النقص في الدين برد النصوص والظواهر ورد حقائقها إلى المجاز من غير طريق قاطعة تدل على ثبوت الموجب للتأويل إلا مجرد التقليد لبعض أهل الكلام في قواعد لم يتفقوا عليها أيضا وأفحش ذلك وأشهره مذهب القرامطة الباطنية في تأويل الاسماء الحسنى كلها أو نفيها عن الله على سبيل التنزيه له عنها وتحقيق التوحيد بذلك ودعوى أن اطلاقها عليه يقتضي التشبيه وقد غلوا في ذلك وبالغوا حتى قالوا أنه لا يقال أنه موجود ولا معدوم بل قالوا أنه لا يعبر عنه بالحروف وقد جعلوا تأويلها أن المراد بها كلها أمام الزمان عندهم وهو عندهم المسمى الله والمراد بلا إله إلا الله وقد تواتر هذا عنهم وأنا ممن وقف عليه فيما لا يحصى من كتبهم التي في أيديهم وخزائنهم ومعاقلهم التي دخلت عليهم عنوة أو فتحت بعد طول محاصرة وأخذ بعضها عليهم من بعض الطرقات وقد هربوا به ووجد بعضها في مواضع خفية قد أخفوه فيها فكما أن كل مسلم يعلم أن هذا كفر صريح وأنه ليس من التأويل المسمى بحذف المضاف المذكور في قوله تعالى واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها أي أهل القرية وأهل العير وإنما علم هذا كل مسلم تطول صحبته لأهل الاسلام وسماع أخبارهم والباطني الناشئ بين الباطنية لا يعلم مثل هذا فكذلك المحدث الذي قد طالت مطالعته للآثار قد يعلم في تأويل بعض المتكلمين مثل هذا العلم وإن كان المتكلم لبعده عن أخبار الرسول وأحواله وأحوال السلف قد بعد عن علم المحدث كما بعد الباطني عن علم المسلم فالمتكلم يرى أن التأويل ممكن بالنظر إلى وضع علماء الأدب في شروط المجاز وذلك صحيح ولكن مع المحدث من العلم الضروري بأن السلف ما تأولوا ذلك مثل ما مع المتكلم من العلم الضروري بأن السلف ما تأولوا الاسماء الحسنى بامام الزمان وان كان مجاز الحذف الذي تأولت به الباطنية صحيحا في اللغة عند الجميع لكن له موضع مخصوص وهم وضعوه في غير موضعه كذلك المتكلم في بعض أسماء الله الحسنى كالسميع والبصير والحكيم والرحمن والرحيم فانها من الاسماء الحسنى المعلوم ورودها في كتاب الله على سبيل التمدح بها والثناء العظيم ونص الله تعالى ورسوله على أنها ثناء على الله تعالى في حديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي وفيه فاذا قال الرحمن الرحيم قال الله تعالى أثنى علي عبدي مع تكريرها في عهد النبوة والصحابة والتابعين لم يشعر أحد منهم في تلك الاعصار كلها بتقبيح شيء من ظواهرها ألا ترى أن الرحمن الرحيم ثابتان في السبع المثاني المعظمة متلوان في جميع الصلوات الخمس مجهور بهما في أكثرها في محافل المسلمين مجمعين على أنهما من أحسن الثناء على الله تعالى وأجمله وأفضله متقربين إلى الله بمدحه بذلك مظهر من أنه أحب الحمد اليه ولذلك كرر تكرارا كثيرا في كتاب الله سبحانه وفي بسم الله الرحمن الرحيم المكرر في أول كل سورة المتبرك به في أول كل عبادة وجمعا معا ومرجعهما إلى معنى واحد ولم يجمع اسمان في معنى واحد في موضع واحد قط كالغفار الغفور ونحو ذلك بخلاف الرحمن الرحيم فتأمل ذلك فهما الغرة والمقدمة في ممادح رب العزة في خطب المسلمين وجمعهم وجماعتهم وحوائجهم ومجامعهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير