تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الصحاح من ذلك الكثير الطيب وما لا تتسع له هذه التذكرة المختصرة منه حديث سلمان وأبي هريرة وجندب وابن عباس وعبادة وأبي سعيد الخدري وابن حيدة وخلاس والحسن وابن سيرين في المائة الرحمة التي لله تعالى وإنها وسعت الخلائق منها رحمة واحدة وأن هذه الرحمة التي يتراحم بها الخلائق والسباع والدواب البرية والبحرية هي جزء من مائة جزء من رحمة الله وظهرت محبة الله تعالى للثناء عليه بهذه الصفة وما يشتق له منها من الاسماء الشريفة حتى كان أحب الاسماء اليه عبد الله وعبد الرحمن كما ثبت في الصحيح فكيف يقال أن ظاهرها نقص وذم وكفر وتشبيه وسب للملك الحميد المجيد الذي لا أحد أحب اليه الحمد والمدح منه ولا أعرف بما يليق بجلاله منه ثم من رسله ولا يحصى عليه ثناء هو كما أثنى على نفسه لأهليته لذلك ولذلك مدح نفسه وعلمنا مدحه ودعانا اليه وأثابنا عليه فكيف يفتتح كتبه الكريمة ويشحنها بما ظاهره السب والذم والكفر والتشبيه وبما نسبته اليه كنسبة الارادة إلى الجدار والجناح إلى الذل بل أشد بعدا من ذلك فان الجدار لا يذم بالارادة والذل لا يذم بالجناح فصار لا يوجد لذلك مثال لأنه يستلزم استعارة اسم الذم لارادة المدح كما لو مدحت بالظلم الملك العادل وبالنقص الرجل الكامل مجازا ونحو ذلك

مما لا يحسن في البلاغة بل لا يصح في اللغة ولا يوجد في كلام العامة والعجم

وقد أجمع المسلمون على حسن اطلاق الرحمة على الله من غير قرينة تشعر بالتأويل ولا توقف على عبارة التنزيل ولو كان ظاهرها القبح والذم والانتقاص لله عز وجل لم يحسن ذلك من العباد وان ورد في كلام الله أقر في موضعه على قواعد علماء الكلام على أن فطر العقول تعرف رحمة الله تعالى وسعة علمه وكمال قدرته فان العلم بضعف العباد مع تمام القدرة والممادح والمحامد وعدم المعارض يستلزم الرحمة عقلا أيضا فهي من المحكمات لامن المتشابهات على أن الله سبحانه أعلم وأحكم وأجل وأعظم وأعز في كبريائه عن أن يتخير ما ظاهره الانتقاص والذم غرة شادخة لاسمائه الحسنى مقدمة في مثاني كتابه العظمى وهو الذي بلغ كلامه أعلى درجات الاعجاز في البلاغة التي هي البلوغ إلى المراد المقصود بأوضح العبارات وأجزلها وأبينها وأجملها

وأيضا فقد ثبت أن الرحمن مختص بالله تعالى وحده ويحرم إطلاقه على غيره ولو كانت الرحمة له مجازا ولغيره حقيقة كان العكس أوجب وأولى وما المانع للمسلم من اثباتها صفة حمد ومدح وثناء كما علمنا ربنا مع نفي صفات النقص المتعلقة برحمة المخلوقين عنه تعالى كما أثبتنا له اسم الحي العليم الخبير المريد مع نفي نقائص المخلوقين في حياتهم المستمرة لجواز التألم بأنواع الآلام ثم للموت الذي لابد منه لجميع الاحياء من الانام وكذلك ينزه سبحانه عما في علمهم الناقص بدخول الكسب والنظر في مباديه والاستدلال والاضطرار في منتهاه الذي يستلزم الجسمية والبينة المخصوصة والحدوث ويعرض له التغير والنسيان والخطأ والشغل ببعض المعلومات عن بعض وكذلك تنزه ارادته عما في ارادتنا من استلزام الحاجة إلى جلب المنافع ودفع المضار ونحو ذلك وكذلك كل صفة يوصف بها الرب سبحانه ويوصف بها العبد وان الرب يوصف بها على أتم الوصف مجردة عن جميع النقائص والعبد يوصف بها محفوفة بالنقص وبهذا فسر أهل السنة نفي التشبيه ولم يفسروه بنفي الصفات وتعطيلها كما صنعت الباطنية الملاحدة

ويدلك على قبح تأويل هذه الاسماء الشريفة في الفطر كلها إنك تجد المعتزلي يستقبح تأويل الاشعرية للحكيم غاية الاستقباح والاشعري يستقبح تأويل المعتزلة البغدادية للسميع البصير المريد غاية الاستقباح والسني يستقبح تأويل المعتزلة والاشعرية للرحمن الرحيم الحكيم غاية الاستقباح والكل يستقبحون تأويل القرامطة لجميع الاسماء الحسنى غاية الاستقباح ومتى نظرت بعين الانصاف وجدتهم في ذلك كما قيل

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير