تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك نجد كل واحد منهم يلزم المنكر عليه مثل ما ألزمه فان المعتزلة والاشعرية إذا كفروا الباطني بانكار الاسماء الحسنى والجنة والنار يقول لهم الباطني لم أجحدها إنما قلت هي مجاز مثل ما انكم لم تجحدوا الرحمن الرحيم الحكيم وإنما قلتم إنها مجاز وكيف كفاكم المجاز في الايمان بالرحمن الرحيم وهما أشهر الاسماء الحسنى أو من أشهرها ولم يكفني في سائرها وفي الجنة والنار مع أنهما دون أسماء الله بكثير وكم بين الايمان بالله وبأسمائه والايمان بمخلوقاته فاذا كفاكم الايمان المجازي بأشهر الاسماء الحسنى فكيف لم يكفني مثله في الايمان بالجنة والنار والمعاد يوضحه أن الاجماع منعقد على كفر من قال أن الله يأمر بالفسق والمعاصي حقيقة

وقد قال الزمخشري بذلك مجازا في تفسيره أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ولم يكفر بذلك وكذلك قال بعض الاشعرية أن الله تعالى يحب المعاصي مجازا ولم يكفروه بذلك ولو قالوه حقيقة كفروا فدل على أن الايمان المجازي في موضع الحقائق كلا شيء فكما لم يضره من آمن بالامر بالقبائح مجازا فكذلك لا ينفع من آمن بالرحمن الرحيم الحكيم مجازا لأنهم بمنزلة الزمخشري في إيمانه بأمر الله بالفسق مجازا مع نفيه لذلك أشد النفي واعتقاده أنه كالعدم يوضحه أنه لا شك ولا خلاف في كفر من آمن بالنبوات مجازا ونفاها حقيقة فأسماء الله الحسنى المعلوم تمدحه بها في جميع كتبه أجل وأعظم من جنته وناره وأنبيائه فلا يكفي الايمان بشيء منها مجازا إلا أن يصح في ذلك اجماع قاطع وبرهان الله أقطع في بعض المواضع يؤمن معه من الوقوع في البدعة والفرقة المنهي عنهما بالنصوص والاجماع وكذلك يقول بعضهم لبعض فيما اختلفوا فيه كما يقول لهم الباطني

وكذلك محبة الله تعالى لأنبيائه وأوليائه التي هي أعظم فضل الله العظيم عليهم وأشرف ما يرجونه من مواهبه العظام وقد نص الله تعالى على ذلك في غير آية من كتابه الكريم كقوله تعالى يحبهم ويحبونه وقوله تعالى والله يحب الصابرين وكذلك كون الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وأكبر من ذلك أن الله تعالى اتخذ ابراهيم صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم خليلا بالنص القرآني واتخذ محمدا خليلا بالنص النبوي والحلة في اللغة العربية أرفع مراتب المحبة ولم تزل هذه النصوص مقررة مجللة معتقدة مع تنزيه الله تعالى من نقائصها مثل تنزيهه من نقائص علم المخلوقين وارادتهم في العليم المريد وغيرهما حتى فشت البدعة واجتمعت كلمة المعتزلة والأشعرية على تقبيح نسبة الرحمة والحلم والمحبة والخلة إلى الله تعالى إلا بتأويل موجب لنفي هذه الأشياء عن الله بغير قرينة وموجب تحريم اطلاقها إلا مع القرينة فيجوز عندهم أن تقول إن الله غير رحيم ولا رحمن ولا حليم ولا يحب المؤمنين ولا الصابرين ولا المتطهرين ولا اتخذ ابراهيم خليلا بغير قرينة ولا تأويل كما يجوز أن تقول في الجدار أنه ليس بمريد ولا يجوز ذلك الاثبات إلا بالتأويل والقرينة الدالة عليه

والمسلم بالفطرة ينكر هذه البدع وبالرسوخ في علم الحديث يعلم بالضرورة حدوثها وأن عصر النبوة والصحابة بريء منها مثل ما يعلم أن المعتزلة أبرياء من مذهب الأشعرية وأن الأشعرية أبرياء من مذهب المعتزلة وأن النحاة أبرياء من مذهب الشعوبية وأمثال ذلك فيجب تقرير ذلك وأمثاله مما وصف الله تعالى به ذاته الكريمة على جهة التمدح والحمد والثناء وسيأتي الجواب عن سبب تخلف الرحمة لكثير من أهل البلاء كما يتخلف العطاء عن كثير من الفقراء ولا يقدح ذلك في مدح الله بالجود والكرم حقيقة باجماع المسلمين لمعارضة الحكمة في الموضعين سواء وقد جود الغزالي القول في هذا المعنى في المقصد الامنى فلا حاجة إلى التطويل بنقل كلامه وموضعه معروف

والدليل على أنه لا يجوز القول بأن ظاهر هذه الاسماء كفر وضلال وأن الصحابة والسلف الصالح لم يفهموا ذلك أو فهموا ولم يقوموا بالواجب عليهم من نصح المسلمين وبيان التأويل الحق لهم أمران الأول قاطع ضروري وهو أن العادة توجب في كل ما كان كذلك أن يظهر التحذير منه من رسول الله ومن أصحابه يتواتر أعظم مما حذروا من الدجال الأعور الكذاب ولا يجوز عليهم مع كمال عقولهم وأديانهم أن يتركوا صبيانهم ونساءهم وعامتهم يسمعون ذلك منسوبا إلى الله وإلى كتابه ورسوله وظاهره الكفر وهم سكوت عليه مع بلادة الأكثرين ولو تركوا بيان ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير