تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثقة بنظر العقول الدقيق لتركوا التحذير من فتنة الدجال فان بطلان ربوبيته أجلى في العقول من ذلك ألا ترى أن المتكلمين لما اعتقدوا قبح هذه الظواهر تواتر عنهم التحذير عنها والتأويل لها وصنفوا في ذلك وأيقظوا الغافلين وعلموا الجاهلين وكفروا المخالفين وأشاعوا ذلك بين المسلمين بل بين العالمين فكان أحق منهم بذلك سيد المرسلين وقدماء السابقين وأنصار الدين الثاني أنه قد ثبت في تحريم الزيادة في الدين أنه لا يصح سكوت الشرع عن النص على ما يحتاج اليه من مهمات الدين وثبت أن الاسلام متبع لا مخترع ولذلك كفر من أنكر شيئا من أركانه لأنها معلومة ضرورة فأولى وأحرى أن لا يجيء الشرع بالباطل منطوقا متكررا من غير تنبيه على ذلك لا سيما إذا كان ذلك الذي سموه باطلا هو المعروف في جميع آيات كتاب الله وجميع كتب الله ولم يأت ما يناقضه في كتاب الله حتى ينبه على وجوب التأويل والجمع أو يوجب الوقف بل لم يأت التصريح بالحق المحض عند كثير منهم قط في آية واحدة تكون هي المحكمة ويرد اليها جميع المتشابه فان الله ذكر أنه نزل في كتاب آيات محكمات ترد اليها المتشابهات ولم يقل أن جميع كتابه متشابه فأين الآية المحكمة التي دلت على ما يقولون

وقد اعترف الرازي في كتابه الاربعين وهو من أكبر خصوم أهل الأثر أن جميع الكتب السماوية جاءت بذلك ولم ينص الله تعالى في آية واحدة على أنه منزه من الوصف بالرحمة والحلم والحكمة وأنه ليس برحيم ولا رحمن ولا حليم ولا حكيم ولا سميع ولا بصير وهذا خليل الله تعالى الذي مدح نبينا محمد بمتابعته يقول لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا إلى قوله إن الشيطان كان للرحمن عصيا فكيف يحسن تقرير الخلاف في ذلك كله بين المعظمين من علماء الاسلام من غير تحذير منه ولا زجر عنه وأمثال ذلك على ما ادعاه علماء الاثر وهو كذلك وإن لم يعترف به وهذه الكتب السماوية موجودة كلها

وهبك تقول هذا الصبح ليل ... أيعمى العالمون عن الضياء

فان قيل ورود المتشابه في القرآن معلوم مجمع عليه ولابد أن يكون ظاهر المتشابه باطلا وإلا لما وجب التأويل فما هذا التهويل

قلنا أما وروده فمعلوم لا ينكر وأما تفسيره بما يوجب أن يكون ظاهره باطلا فغير صحيح لقول الراسخين في العلم آمنا به كل من عند ربنا ولذم الله الذين في قلوبهم زيغ بابتغاء تأويله وقد تقدم هذا فلا نسلم قبح ظاهره بل هو محل النزاع بل نقول هو قسمان

أحدهما لا ظاهر له ولا يفهم منه شيء فلا يضل به أحد وذلك مثل حروف التهجي في أوائل السور على الصحيح كما تقدم فحكمه الوقف في معناه وكذلك المشترك الذي تجرد عن القرائن في حق من لم يعرف قرينه مرجحة لاحد معانيه وما جري هذا المجرى وقد تقدم الوجه في جواز ورود السمع بمثل هذا ولا يجوز القطع على خلوه عن الحكمة لجواز فهم البعض له ولو رسول الله وحده أو لجواز أن تكون الحكمة فيه غير فهم معناه ولعدم الدليل القاطع على أنا مخاطبون بهذا الجنس

النوع الثاني من المتشابه ما كان له ظاهر يسبق إلى افهام أهل اللغة ولكن خفيت الحكمة فيه على العقول مثل عدم العفو عن المشركين في الآخرة وعمن شاء الله من المذنبين مع أن العفو أرجح وأحب إلى الله تعالى في جميع كتبه وشرائعه وأحكامه وأوامره فهذا نؤمن بظاهره ولا نقول أن ظاهره باطل بل نقول أن الحكمة فيه خفية ولو أنا علمناها لعرفنا حسنه بل نقطع أنا أجهل من أن نعلم جميع حكم الله في جميع أحكامه ولو علمنا الله تعالى نصف ما يعلمه لجاز أن تكون الحكمة في هذا النصف الذي لم يعلمناه كيف وقد صح أن جميع علم الخلائق في علم الله مثل ما يأخذه الطائر بمنقاره من البحر الأعظم

وأما المجاز المعلوم أنه مجاز مثل واخفض لهما جناح الذل من الرحمة فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور فليس من المتشابه فان هذا يعرف معناه جميع أجلاف العرب ولا يصح دخول اللبس والاختلاف في معناه ولذلك لم يقل بنفي عمى الابصار لأن معنى الآية نفي عمي القلوب عن الابصار وأن عمي القلوب هو الحقيقي العظيم المضرة والابصار لا تعمى عنه إنما تعمى القلوب وكذلك الأمر بخفض جناح الذل معلوم أن المراد به الخضوع للوالدين واللطف بهما ونحو ذلك وكذلك كلما وضحت فيه احدى القرائن المجازية الثلاث المعروفة اللفظية والعقلية والعرفية ولم تكن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير