تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والدليل على أن هذا ليس بمتشابه لا يعلم معناه أن نقول لا ريب أن الله سمى نفسه فى القرآن بأسماء مثل الرحمن والودود والعزيز والجبار والعليم والقدير والرءوف ونحو ذلك ووصف نفسه بصفات مثل سورة الاخلاص و آية الكرسى وأول الحديد وآخر الحشر وقوله ان الله بكل شىء عليم و على كل شىء قدير وأنه يحب المتقين و المقسطين و المحسنين وأنه يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلما آسفونا انتقمنا منهم ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله ولكن كره الله انبعاثهم الرحمن على العرش استوى ثم استوى على العرش يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم وهو الذى فى السماء اله وفى الأرض اله وهو الحكيم العليم اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه إننى معكما أسمع وأرى وهو الله فى السموات وفى الأرض ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام يريدون وجهه ولتصنع على عينى الى امثال ذلك

فيقال لمن ادعى فى هذا أنه متشابه لا يعلم معناه أتقول هذا فى جميع ما سمى الله ووصف به نفسه أم فى البعض فان قلت هذا فى الجميع كان هذا عنادا ظاهرا وجحدا لما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام بل كفر صريح فانا نفهم من قوله إن الله بكل شىء عليم معنى ونفهم من قوله ان الله على كل شىء قدير معنى ليس هو الأول ونفهم من قوله ورحمتى وسعت كل شىء معنى ونفهم من قوله إن الله عزيز ذو انتقام معنى وصبيان المسلمين بل وكل عاقل يفهم هذا وقد رأيت بعض من ابتدع وجحد من أهل المغرب مع انتسابه الى الحديث لكن أثرت فيه الفلسفة الفاسدة من يقول إنا نسمى الله الرحمن العليم القدير علما محضا من غير أن نفهم منه معنى يدل على شىء قط وكذلك فى قوله ولا يحيطون بشىء من علمه يطلق هذا اللفظ من غير أن نقول له علم وهذا الغلو فى الظاهر من جنس غلو القرامطة فى الباطن لكن هذا أيبس وذاك أكفر

ثم يقال لهذا المعاند فهل هذه الأسماء دالة على الاله المعبود وعل حق موجود أم لا فان قال لا كان معطلا محضا وما اعلم مسلما يقول هذا وان قال نعم قيل له فلم فهمت منها دلالتها على نفس الرب ولم تفهم دلالتها على ما فيها من المعانى من الرحمة والعلم وكلاهما فى الدلالة سواء فلابد أن يقول نعم لأن ثبوت الصفات محال فى العقل لأنه يلزم منه التركيب أو الحدوث بخلاف الذات فيخاطب حينئذ بما يخاطب به الفريق الثانى كما سنذكره وهو من أقر بفهم بعض معنى هذه الأسماء والصفات دون بعض فيقال له ما الفرق بين ما أثبته وبين ما نفيته أو سكت عن اثباته ونفيه فان الفرق اما أن يكون من جهة السمع لأن أحد النصين دال دلالة قطعية أو ظاهرة بخلاف الآخر أو من جهة العقل بأن أحد المعنيين يجوز أو يجب اثباته دون الآخر وكلا الوجهين باطل فى أكثر المواضع

أما الأول فدلالة القرآن على أنه رحمن رحيم ودود سميع بصير على عظيم كدلالته على أنه عليم قدير ليس بينهما فرق من جهة النص وكذلك ذكره لرحمته ومحبته وعلوه مثل ذكره لمشيئته وارادته

وأما الثانى فيقال لمن أثبت شيئا ونفى آخر لم نفيت مثلا حقيقة رحمته ومحبته وأعدت ذلك الى ارادته فان قال لأن المعنى المفهوم من الرحمة فى حقنا هى رقة تمتنع على الله قيل له والمعنى المفهوم من الإرادة فى حقنا هى ميل يمتنع على الله فإن قال ارادته ليست من جنس ارادة خلقه قيل له ورحمته ليست من جنس رحمة خلقه وكذلك محبته وان قال وهو حقيقة قوله لم اثبت الارادة وغيرها بالسمع وانما أثبت العلم والقدرة والارادة بالعقل وكذلك السمع والبصر والكلام على إحدى الطريقتين لأن الفعل دل على القدرة والأحكام دل على العلم والتخصيص دل على الارادة قيل له الجواب من ثلاثة أوجه

أحدها أن الأنعام والاحسان وكشف الضر دل أيضا على الرحمة كدلالة التخصيص على الارادة والتقريب والادناء وأنواع التخصيص التى لا تكون الا من المحب تدل على المحبة أو مطلق التخصيص يدل على الارادة وأما التخصيص بالانعام فتخصيص خاص والتخصيص بالتقريب والاصطفاء تقريب خاص وما سلكه فى مسلك الارادة يسلك فى مثل هذا

الثانى يقال له هب أن العقل لا يدل على هذا فانه لا ينفيه الا بمثل ما ينفى به الارادة والسمع دليل مستقل بنفسه بل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير